للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتحريم السفر؛ رعاية لهذا الأصل فقط، وسداً للذرائع المفضية/إليه/ (١) ، لكنّا قد أخذنا بأصل أصيل، ومذهب جليل.

الوجه السادس:

أنا لا نسلم دخول هذه البلدة-التي الكلام بصددها- (٢) في عبارة أهل العلم ورخصتهم؛ لأنّ صورة الأمر وحقيقته، سفر إلى معسكر العدو الحربي، الهاجم على أهل الإسلام، المستولي على بعض ديارهم، والمجتهد في هدم قواعد دينهم، وطمس أصوله وفروعه، وفي نصرة الشرك والتعطيل، وإعزاز جيوشه وجموعه. فالمسافر إليهم كالمسافر إلى معسكر هو بصدد ذلك، كمعسكر التتر (٣) ، ومعسكر قريش يوم الخندق، ويوم أحد، أفيقال هنا بجواز السفر، لأنّ السفر إلى بلاد المشركين يجوز لمن أظهر دينه؟! وهل لهذا القول حظ من النظر والدليل، أو سفسطة (٤) وضلال عن سواء السبيل؟!

والعلم ليس بنافع أربابه ... ما لم يفد نظراً وحسن تبصرِ (٥)

وفي سنن أبي داود، ومسند الإمام أحمد، الذي قال فيه: قد جعلته (٦) للناس إماماً،


(١) ساقط في (ج) ، و (د) .
(٢) أي التي هجم عليها العدو الكافر الحربي، المتصدي لهدم قواعد الإسلام، وتقدمت الإشارة إليها في ص ٢٢٠.
(٣) هم التتار الذين غزو بلاد المسلمين في أوائل القرن السابع، في صحبة ملكهم جنكيزخان. وقد كانوا يسكنون جبال طمغاج من أرض الصين. عبروا نهر جيحون عام٦١٦هـ، وأحدثوا الخراب والدمار في بخارى، وأكثروا القتل في المسلمين، واجتاحوا ديار الإسلام عبر العراق والشام إلى مصر، وقتلوا خلال ذلك من المسلمين ما لا يحد ولا يوصف.
انظر حادثتهم في: البداية والنهاية، ١٣/٩٠-٩١، ٩٤، وما بعدها.
(٤) السفسطة: أصله: قياس مُركَّب من الوهميات، يقصد منه تغليظ الخصم وإسكاته، وذلك بالإتيان بمقدمات ذهنية، وصولاً بها إلى نتيجة. التعريفات، للجرجاني، ص١٥٨.
(٥) البيت لعبد الملك بن إدريس الجزيري. انظر: مجمع الحكم والأمثال، لأحمد قبِّش، مطبعة دار العروبة، ص٣٤٤.
(٦) في (د) : (جعلت) ، وفي المطبوع: (جمعته) .

<<  <  ج: ص:  >  >>