للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحصر، وإن كان ادّعائياً، فهو يدلّ على شرف هذا الصنف وفضيلته. والحديث، وإن تأوّله بعضهم في حادثة التتر في القرن السابع (١) ، فقائله لا يمنع من دخول سواها في الخبر، وأنّ له ذيولاً وبقيّة. ولا ريب أنّ /هذا/ (٢) الذي حصل في هذا الزمان، إن لم يكن منها /ومن ذيولها/ (٣) ، فهو شبيه بها من كل وجه.

فإن لا يكنها أو تكنه فإنّه ... أخوها غذته أمه بلبانها (٤)

وقد قال شيخ الإسلام/-رحمه الله-/ (٥) في اختياراته: من جمز (٦) إلى معسكر التتر ولحق بهم، ارتدّ، وحلّ مله ودمه (٧) . فتأمل هذا، فإنه-إن شاء الله تعالى (٨) يزيل عنك إشكالات كثيرة، طالما حالت بين القوم، وبين مراد الله ورسوله، ومراد أهل العلم من نصوصهم، وصريح كلامهم.

ثم اعلم أنّ النصوص الواردة في وجوب الهجرة، والمنع من الإقامة بدار الشرك، والقدوم إليها، وترك القعود مع أهلها، ووجوب التباعد عن نصوص في منع الإقامة بين أظهر المشركين. عامة مطلقة (٩) ، وأدلة قاطعة محققة، ومن قال بالتخصيص


(١) حادثة التتر، تقدمت الإشارة إليها في هامش ص ٢٣٠.
(٢) زيادة في (د) .
(٣) زيادة في (د) .
(٤) لم أعرف قائله، ولا مصدره.
(٥) ساقط في (ج) ، و (د) .
(٦) جمز: هو ضرب من السَّير، أسرع من العَنَق. الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، مادة (جمز) . لسان العرب، لابن منظور، مادة (جمز) ، ٥/٣٢٣.
(٧) لم أجد قوله هذا في" الاختيارات"، وإنّما وجدت كلاماً في معناه، في" مجموع فتاواه" ٢٨/٥٣٠.
وما قاله الشيخ، هو الحكم في كل من لحق بالكفار، والمحاربين للمسلمين، وأعانهم عليهم،؛ فإنه داخل في صريح قوله تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١] .
(٨) زيادة في (ب) .
(٩) ومن تلك النصوص ما يلي:
أ-ورد في وجوب الهجرة، قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:٩٧] .
ب-وورد في النهي عن الإقامة بدار الشرك، قوله صلّى الله عليه وسلّم" أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ". سنن أبي داود، ٣/١٠٥. سنن الترمذي، ٤/١٣٣.
ج-وورد في وجوب التباعد عن مساكنتهم، ومجامعتهم، قوله صلّى الله عليه وسلّم" لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا ". المستدرك للحاكم، ٢/١٤١. وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>