للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين من فعله (١) ؛ لكونه عرض نفسه للفتنة بمخالطة المشركين، فينبغي هجره وكراهته.

وهذا هو الذي يفعله المسلمون معه من غير تعنيف ولا سبّ ولا ضرب، ويكفي في حقه إظهار الإنكار عليه، وإنكار فعله، ولو لم يكن حاضراً. والمعصية إذا وُجدت أُنكرت على من فعلها، أو رضيها إذا اطلع عليها". انتهى ما نقله.

وهذه العبارة -بحمد الله- ليس فيها ما يتعلق به كل مبطل؛ لوجوه؛ منها:

أنّ الذي وقع في هذه الأعصار -وكلامنا بصدده- أمر يجلّ عن الوصف، وقد اشتمل مع السفر على منكرات عظيمة، منها: موالاة المشركين، وقد عرفتم ما فيها من النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وعرفتم أنّ مسمى الموالاة، يقع على شُعَب متفاوتة، منها ما يوجب الردّة وذهاب الإسلام بالكليّة، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات. وعرفتم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (٢) أنّها نزلت فيمن كاتب المشركين بسرِّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (٣) ، وقد جُعل ذلك من الموالاة المحرمة، وإن اطمأنّ قلبه بالإيمان.

وكذلك من رأى أن في ولايتهم مصلحة للناس والحضر، وهذا واقع مشاهد تعرفونه من حال أكثر هؤلاء الذين يسافرون إلى تلك البلاد، وربّما نقل بعضهم من


(١) إنّ هذا يكون نقصاً في الدين، بحسب المسافر إلى تلك البلدان، من حيث القوة أو الضعف في إيمانه؛ إذ قد سافر بعض الصحابة –رضوان الله عليهم-إلى بلدان المشركين للتجارة، ولم ينكر عليهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فمتى كان المسلم على ثقة، وقوة في إيمانه، قادراً على إظهار دينه، ومصارحة الكفار بفساد ما هم عليه، فمثل هذا يجوز له السفر إليهم للتجارة، ولا يكون ذلك نقصاً في دينه. أما من كان دونه، فهذا الذي يخشى عليه الفتنة بمخالطتهم. انظر: رسالة حكم السفر إلى بلاد الشرك، لسليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ضمن " الجامع الفريد"، ط/٣، ص ٣٧٦.
(٢) سورة الممتحنة: الآية (١) .
(٣) وهو حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه. انظر: أسباب النزول، للواحدي، ص٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>