للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركين يوم بدر، لا يدل على أنّ الآية خاصة بهم، بل يدلّ على أنها متناولة للعموم اللفظي، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (١) .

وكذلك من قال من السلف أن هذه الآية نزلت في أناس من المنافقين، تخلفوا من رسول الله صلى الله علي وسلم، وخرجوا مع المشركين (٢) ، فمرادهم أنّ هذه الآية تتناولهم بعمومها، ولم يريدوا أنّ هذا –أعني النفاق أو القتال مع المشركين- الذي هو أُنيط به الحكم، ورتِّب عليه الوعيد،؛ فإنّهم أجل وأعلم من أن يفهموا ذلك. والسلف يعبّرون بالنوع ويريدون الجنس العام (٣) ، ومن لم يمارس العلوم، ولم يتخرّج على حملة العلم وأهل الفقه عن الله، وتخبّط في العلوم برأيه، فلا عجب من خفاء هذه المباحث عليه، وعدم الاهتداء لتلك المسالك، التي لا يعرفها إلاّ من مارس الصناعة، وعرف ما في تلك البضاعة.

وهذا الرجل (٤) من أجهل الناس بالضروريات، فكيف بغيرها من حقائق العلم


(١) مذكرة أصول الفقه، لمحمد الأمين الشنقيطي، طبعة الجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة، ص٢٠٩. تخريج الأصول على الفروع، لشهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني (ت٦٥٦هـ) ، تحقيق د. محمد أديب صالح، مؤسسة الرسالة، ط/٥، ١٤٠٤هـ-١٩٨٤م، ص ٣٦١. شرح مختصر الروضة، لسليمان بن عبد القوي الطوفي (ت٧١٦هـ) ، تحقيق: عبد الله ابن عبد المحسن التركي مؤسسة الرسالة، ط/١، ١٤٠٨هـ، ٢/٥٠١. روضة الناظر وجنّة المناظر، البن قدامة المقدسي، مكتبة المعارف، الرياض، ط/٢، ١٤٠٤هـ، ومعها شرحها" نزهة الخاطر"، ٢/١٤١.
(٢) انظر: جامع البيان للطبري، ٥/٢٣٦.
(٣) المعنى أن الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} وإن كان سببها في نوع الأشخاص الذين خرجوا مع المشركين في بدر، غير أنّها لا تخصّهم، فلفظها العام يشمل جميع الأجناس؛ كالمنافقين الذين تخلَّفوا نفاقاً عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكذلك تتناول المقيمين مع المشركين، الساكنين معهم من غير قدرة على إقامة الدين، فهؤلاء الذين حكم عليهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّهم مثلهم.
ومسألة الإقامة ببلد المشركين قد تقدّمت في ص٢١٠-٢١٢، ٢٢٠-٢٢٣.
(٤) يريد عبد الرحمن الوهيبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>