أما المشركون اليوم، فإنّهم أثناء المصائب أشدّ بعداً عن الله تعالى، فتجدهم حينئذٍ يستغيثون بالمشايخ والأولياء، بل بأسماء الجان، ونحو ذلك، ويعطّلون الربوبية والألوهية في السرّاء والضرّاء، بتعطيلهم صفات الله تعالى، نفياً وتأويلاً. (١) إنّ أصل النزاع الذي كان بين الرسل وأممهم، كان في دعوتهم لهم على عبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص ذلك له، وهذا هو المعروف بتوحيد الله بأفعال العباد، المعبّر عنه: بتوحيد الألوهية، أو توحيد الطلب والقصد، أو توحيد العبادة فهذا الذي أوقع الرسل في النزاع والجدال بينهم وبين أممهم حتى قالوا – كما حكى القرآن الكريم عنهم-: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:٥] . ومن أجله شرع الجهاد؛ إذ إنّهم كانوا معترفين بربوبيّة الله، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف:٨٧] . وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت:٦١] . ومع ذلك لم يدخلهم اعترافهم ذلك بالربّ، في الإسلام، ولم يدفع عنهم القتال، ولم يعصم لهم دماء ولا أموالاً، إلى أن يقولوا: لا إله إلا الله.