للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعليكم بلزوم الوصيّة النبويّة لصاحب السرّ، حذيفة بن اليمان، وبتدبر القرآن، والتفقه في معانيه، /لعلّه بذلك/ (١) يعرف العبد -إنْ عقل عن الله- أنّ أوجب واجب /فيه/ (٢) وأهمّه وآكده وزبدته، معرفة الله تعالى، بما تعرّف به إلى عباده، من صفات كماله، ونعوت جلاله، وبديع أفعاله، وإحاطة علمه، وشمول قدرته، وكمال عزته، وعميم رحمته.

وبمعرفة ذلك يهتدي العبد إلى محبته وتعظيمه، وإسلام الوجه له، وإنابة القلب إليه، وإفراده بالقصد والطلب، وسائر العبادات، كالخشية، والرجاء، والاستعانة، والاستغاثة، والتوكل، والتقوى، ويرضى به رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، ويذوق من طعم الإيمان ما يوجب له كمال حب الله، وحب رسوله، وكمال الحب بجلاله، ويعرف الوسائل إلى هذا المطلوب الأكبر، والمقصود الأعظم، ويهتم بها غاية الاهتمام، ويطلبها منتهى الطلب، ويعرف ما يضاد هذا الأصل ويناقضه، من تعطيل وكفر وشرك، ويعرف وسائلها وذرائعها الموصلة إليها، المفضية إلى اقتحامها وارتكابها، فيهتم بتحصيل وسائل التوحيد، ويهتم بالتباعد عن وسائل الكفر والتعطيل والتنديد، كما يستفاد من قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٣) .

فمن عرف /هذا/ (٤) الأصل الأصيل، عرف ضرر الفتنة الواقعة في هذه الأزمان، بالعساكر التركية، وعرف أنها تعود على هذا الأصل الأصيل، بالهدم والهدّ والمحو بالكليّة، وتقتضي ظهور الشرك والتعطيل، ورفع أعلامه الفكريّة، وأنّ مرتبتها من الكفر، وفساد البلاد والعباد، فوق ما يتوهّم المتوهِّمون، ويظنُّه الظانُّون، وبه يعلم أن ما وقع من المسائل إلى تهوين تلك الفتنة، وتسهيل أمرها، والسكوت عن التغليظ فيها،


(١) زيادة في (د) ، وبها يستقيم المعنى.
(٢) ساقط في (ب) ، والضمير راجع إلى القرآن.
(٣) سورة الفاتحة: الآية (٥) .
(٤) زيادة في (ب) والمطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>