للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم القائل به قد شرط أن يكون فيه نصح للمسلمين، ونفع لهم، وهذه القضية فيها هلاكهم ودمارهم، وشرط فيها ألا يكون /للمشرك/ (١) صولة ودولة يخشى منها، وهذا مبطل لقولك في هذه القضية؛ واشترط مع ذلك أن لا يكون له دخل في رأي ولا مشورة (٢) ، بخلاف ما هنا، كل هذا ذكره الفقهاء، وشراح الحديث، ونقله في شرح المنتقى، وضعّف مرسل الزهري جداً (٣) ، وكل هذا في قتال المشرك للمشرك مع أهل الإسلام.

وأم استنصار المسلم بالمشرك على الباغي، فلم يقل بهذا إلا من شذّ (٤) ، واعتمد القياس، ولم ينظر إلى مناط الحكم، والجامع بين الأصل وفروعه، ومن هجم على مثل هذه الأقوال الشاذة، واعتمدها في نقله وفتواه، فقد تتبع الرخص، ونبذ الأصل المقرر عند سلف الأمة وأئمتها، /المستفاد/ (٥) من حديث الحسن (٦) وحديث النعمان بن


(١) في (ب) والمطبوع: (للمشركين) .
(٢) تقدم ذكر هذه الشروط في ص ٢٣٩. انظر: نيل الأوطار: ٧/٢٥٧.
(٣) نيل الأوطار، ٧/٢٥٣، ٢٥٥، قال الشوكاني: "الزهري مراسيله ضعيفة"، وقال: "ولا يصلح مرسل الزهري ... لما تقدم أن مرسل الزهري ضعيف".
(٤) قال الشوكاني: "وتجوز الاستعانة بالفساق على الكفار إجماعاً، وعلى البغاة عندنا، لاستعانة علي عليه السلام، بالأشعث" انتهى، نيل الأوطار ٧/٢٥٤.
(٥) كذا في المطبوع، وفي جميع النسخ: (للمستفاد) .
(٦) هو الحسن بن عُمارة البجلي مولاهم، أبو محمد الكوفي الفقيه، قاضي بغداد، قال أحمد: متروك، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، أخذ عن ابن أبي مليكة، وعمرو بن مرّة وخلق، من السابعة، مات سنة (٥٣هـ) .
انظر ترجمته: ميزان الاعتدال، ١؟ ٥١٣-٥١٥، تقريب التهذيب، ١/١٦٩.
وحديثه المراد هنا: هو مرسل الزهري المتقدم تخريجه في ص ٢٨٢:" أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في خيبر.. .."الحديث.
وروى الشافعي فقال: أخبرنا يوسف، حدثنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن القاسم، عن ابن عباس قال: استعان النبي صلى الله عليه وسلم بيهود بني قينقاع، فرضخ لهم، ولم يسهم لهم ". قال البيهقي في "الكبرى" ٩/٣٧: لم أجده إلا من طريق الحسن بن عمارة، وهو ضعيف. والصحيح ما أخبرنا به الحاكم أبو عبد الله، فساق بسنده إلى أبي الحميد الساعدي، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا طلع ثنية الوداع إذا كتيبة، قال: " من هولاء "؟ قالوا بنو قينقاع، رهط عبد الله بن سلام، قال: " أو تسلموا " قالوا: لا، فأمرهم أن يرجعوا، أو قال: " إنا لا نستعين بالمشركين " فأسلموا". ثم ذكر -رحمه الله- ما ذكره الشيخ عبد اللطيف هنا من اختلاف في المسألة وشروط من أجازه.

<<  <  ج: ص:  >  >>