للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرقى، لا يعرفون لهم رباً، ولا يستدلون بصفة من صفاته على معرفة كماله وجلاله. وقد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنزل إليه /من ربه/١ قراءة على الناس، وأكثره في معرفة الرب وصفاته وربوبيته وتوحيده، سمعه منه قرويهم وبدويهم، وخاصهم وعامهم، وعجمهم، ولم يشكل على أحد منهم ذلك، ولم يشك فيه٢؛ بل آمنوا به وعرفوا المراد منه. ومضت القرون الثلاثة٣ على إثبات ذلك، والإيمان به، وتلقى معناه عن الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ٤. وإن جحد بعض المنافقين، فهو مدحور مقهور. حتى حدث ما حدث في آخر القرن الثالث٥ وما بعده.

وأما دعواه أن الأولياء يقدرون على خلق ولد من غير أب، فهذه طامة كبرى، وردة صريحة، وتكذيب لجميع الكتب السماوية، ورد على كل رسول، ومخالفة لإجماع الأمم المنتسبين إلى الرسل والكتب السماوية، فإنهم مجمعون على أن الله هو الخالق وحده، وغيره مخلوق٦، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ


١ ساقط في (ب) ، و (ج) . وفي (د) : (ما أنزل الله إليه قراءة) .
٢ يريد أن المؤمنين، لم يوجد منهم من يشك فيما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم
٣ وهي القرون التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية؛ وذلك في قوله: " خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة- ثم أن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السمن ". صحيح البخاري مع الفتح، ٧/ ٥، فضائل الصحابة.
٤ سورة النجم: الآية (٤) .
٥ في (د) : (قرون) .
*يلاحظ أن مسألة إنكار العلو، التي هي مقالة الجهمية، ظهرت في آواخر عصر التابعين؛ فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ثم ظهرت مقالة التعطيل التي هي مقالة الجهمية، وذلك في أواخر عصر التابعين من أوائل المائة الثانية". مجموع الفتاوى، ١٣/٢٧٧. منهاج السنة، ١/٣٠٩. وانظر: الصواعق المرسلة، لابن القيم، ٣/١٠٦٩، ١٠٧٠.
٦ في (د) : (مخلوقاً) . ولا وجه للنصب هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>