فالصورة الفوتغرافية، اختلف في حكمها العلماء المتأخرون؛ لكونها نوعاً جديداً لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذهبوا فيها مذهبين: الأول: أنها محرمة؛ لعموم لفظ التصوير، وشموله لها عرفاً. وقد تقدم آنفاً أحاديث النهي. الثاني: أنها مباحة. والقول الأول هو الصواب. وقد بين فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله- في فتاواه، عندما سئل عن حكم التصوير، فقال: "اختلف فيه العلماء المتأخرون؛ فمنهم من منعه؛ لعموم اللفظ له عرفاً، ومنهم من أحله نظراً للمعنى؛ فإن التصوير بالكاميرا، لم يحصل فيه من المصور أي عمل يشابه به خلق الله تعالى، وإنما انطبع بالصورة خلق الله تعالى، على الصفة التي خلقه الله تعالى عليها. ونظير ذلك تصوير الصكوك والوثائق وغيرها بالفوتغراف، "فإن هذه الصورة التي تخرج ليست هي من فعل الذي أدار الآلة وحركها، فإن الذي حرك الآلة، ربما يكون لا يعرف الكتابة أصلاً، والناس يعرفون أن هذه كتابة الأول. والثاني ليس له أي فعل فيها ... "بل زعم أصحاب هذا القول، أن التصوير بالكاميرا، لا يتناوله لفظ الحديث، كما لا يتناوله معناه. فقد قال في القاموس: الصورة: الشكل. قال وصور الشيء: قطعه وفصله. قالوا: وليس في التصوير بالكاميرا تشكيل ولا تفصيل، وإنما هو نقل شكل وتفصيل، شكله وفصله الله تعالى. والقول بتحريم التصوير بالكاميرا أحوط، والقول بحله أقعد، لكن القول بالحل مشروط، بأن لا يتضمن أمراً محرماً، فإن تضمن أمراً محرماً -كتصوير امرأة أجنبية، أو شخص ليعلقه في حجرته تذكاراً له، أو يحفظه فيما يسمونه (ألبوم) ليتمتع بالنظر إليه وذكراه- كان ذلك محرماً" وقال في محل آخر: "ولكن إذا صور هذا التصوير الفوتوغرافي لغرض محرم، فإنه يكون حراماً تحريم الوسائل". المجموع الثمين من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين، جمع وترتيب: فهد بن ناصر السليمان، دار الوطن للنشر، الرياض، ط/ ٣، ١٤١١هـ. ٢/ ٢٥٤-٢٥٦، و ١/ ٢٠١. أما الصورة الفوتغرافية الضرورية: كما هو الشأن في الوثائق؛ كالجواز، وحفيظة النفوس، والإقامة، ونحوها، فالعلماء متفقون على جوازها، من باب الضروة. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لعبد العزيز بن باز، بجمع الدكتور/محمد بن سعد الشويعر، طبعة دار الإفتاء، ط/ ٢، ١٤١١هـ - ١٩٩٠م، ١/ ٤٤١.