للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرواح١. ولما كانوا لا يستقلون بشيء من دونه، ولا يفعلون إلا بمشيئته وحوله وقوته، صرح بهذا المعنى في الآية الأولى. فقال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} ٢ وأبلغ من هذا، أنه نسب إليهم التدبير في قوله تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} ٣؛ لأنهم رسل بأمره الكوني، وأخبر بأنه المدبر الفاعل المختار، في غير آية من كتاب الله، كقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} ٤، وقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} ٥، إلى قوله: {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} ٦؛ إلى غير ذلك من الآيات الدالات على اختصاصه تعالى بالتدبير والإيجاد. وفي الحديث القدسي: " ومن أظلم ممن يذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو يخلقوا شعيرة " ٧،


١ انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ٧/٧؛ وتفسير ابن كثير، ٢/١٤٣؛ وتفسير القاسمي، ٦/٢٣٤٩.
٢ سورة الزمر: الآية (٤٢) .
٣ سورة النازعات: الآية (٥) .
٤ سورة السجدة: الآية (٥) .
٥ سورة يونس: الآية (٣) .
٦ سورة يونس: الآية (٣١) .
٧ ورد هذا الحديث بألفاظ عدة، وهذا اللفظ قريب من لفظ البخاري، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: ومن أظلم ... أو ليخلقوا حبة أو شعيرة ". صحيح البخاري مع الفتح ١٣/٥٣٦، التوحيد، باب قوله الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} .
*وفي الحديث إشارة إلى تحريم التصوير؛ إذ أن في مضاهاة لخلق الله تعالى. وقد تفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق والأمر {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: ٧] . فمن صور صورة على شكل ما خلقه الله من إنسان أو بهيمة، كان مضاهئا لخلق الله؛ لذلك يكلف يوم القيامة بنفخ الروح فيها، وليس بنافخ، فكان أشد الناس عذاباً، كما جاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم من صور صورة، فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبداً ". صحيح البخاري مع الفتح ٤/٤٦٦، البيوع، باب (بيع التصاوير) . صحيح مسلم بشرح النووي، ١٤/٣٣٩، اللباس، باب (تحريم تصوير صورة الحيوان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>