للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَا١ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} ٢. فيقال: قراءة البصريين: "ليهب لك"، بالياء٣، وهي تفسير للقراءة الأخرى. وعلى القراءة الأخرى نسب الهبة إليه لأنه سبب نفخ الروح في درعها، والسبب يضاف إليه الفعل، كما جزم به البيضاوي٤ وغيرها في هذه الآية٥. والله -سبحانه وتعالى- ينفذ أمره الكوني على يد من يشاء من ملائكته. وربما نسب الفعل إليهم، كما قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} ٦، وقال في موضع آخر: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ} ٧، وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} ٨، فأضافه إليهم لأنهم موكلون بقبض


١ في جميع النسخ: إني
٢ سورة مريم: الآية (١٩) .
٣ هكذا قرأ ورش، عن نافع، وأبو عمرو بن العلاء، على معنى: إنما أنا رسول ربك، أرسلني إليك ليهب الله لك غلاماً زكياً. وقد صوب الطبري القراءة الأولى بالألف " لأهب". انظر: التذكرة في القراءات الثمان، لأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون (ت٣٩٩هـ) تحقيق: أيمن رشيد سويد، ط/١، ١٤١٢هـ - ١٩٩١م، ٢/٤٢٤؛ والحجة في القراءات السبع، لابن خالويه، تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، دار الشروق، بيروت، ط/ ٢، ١٣٩٧هـ - ١٩٧٧م، ص٢٣٦؛ وجامع البيان، للطبري، ١٦/٦١؛ والجامع لأحكام القرآن؛ ١١/٦٢؛ وتفسير ابن كثير، ٣/١٢١.
٤ هو عبد الله بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الشيرازي الشافعي، ناصر الدين أبو الخير، عالم بالفقه والتفسير، صاحب "مناهج الوصول إلى علم الأصول"؛ و"أنوار التنزيل"، و "شرح مصباح السنة". (ت٦٩١هـ) ، وقيل (٦٨٥هـ؛ ٦٩٦هـ) . انظر طبقات الشافعي الكبرى، للسبكي، ٨/٥٧- ١٥٨؛ ومعجم المؤلفين، ٦/٩٧.
٥ أنوار التنزيل وأسرار التأويل، لناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (ت ٧٩١هـ) ، ومعه "تفسير الجلالين"، ط/٢، ١٣٨٨هـ - ١٩٦٨م، طبعة الحلبي بمصر، ٢/٣١؛ وتفسير القاسمي؛ ١١/٤١٣٢.
٦ سورة الزمر، الآية (٤٢) .
٧ سورة الأنفال: الآية (٥٠) .
٨ سورة الأنعام: الآية (٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>