٢ الترضي ساقط في (ب) و (ج) و (د) والمطبوع. ٣ تقدم تخريجه هامش (٩) من الصفحة السابقة. ٤ إلى هنا انتهى كلام الإمام ابن القيم –رحمه الله- في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية ص ١١-١٣، بتصرف. ٥ تقدم تخريجه في الصفحة السابقة (٣٣٨) . *مسألة: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج: ذهب أهل السنة في هذه المسألة مذهبان: أولهما: مذهب جمهور أهل السنة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ذهبوا إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربّه ليلة المعراج. ونقل عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه "الرد على الجهمية" صفحة ٥٤، إجماع الصحابة على ذلك. ومن أدلتهم على ذلك: أ - حديث مسروق قال: كنت متكئاً عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهنّ، فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هنّ، قالت: من زعم أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال وكنت متكئاً فجلست، فقلت: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجلي، ألم يقل الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء سادّاً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض، فقالت: أولم تسمع أنّ الله يقول: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، أولم تسمع أنّ الله يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} الحديث. [صحيح مسلم بشرح النووي ٣/١٠-١١، الإيمان باب معنى قوله تعالى {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، البخاري مع الفتح ٨/٤٧٢، التفسير، باب حدثنا يحيى] . والحديث يدل على عدم رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج. وثانيهما: وهو لجماعة من السلف منهم ابن عباس وعروة بن الزبير، والزهري وغيرهم، ذهبوا إلى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج. وعمدة هذا القول: رواية ابن عباس قال: " أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد" [ذكره النووي في شرح مسلم ٣/٨، وورد في فتح الباري ٨/٤٧٢-٤٧٣] وهذه الرواية مطلقة في الرؤية، وتدل على رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه. ولكن يعارضها النافون للرؤية برواية أخرى عن ابن عباس، وهو ما أخرجه مسلم في صحيحه ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال رآه بفؤاده مرتين) [صحيح مسلم بشرح النووي ٣/٨] . فهذه رواية مقيدة للرؤية التي كانت من النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه جل وعلا، فهنا يجب حمل المطلق على المقيد بالفؤاد، وعلى هذا فرأي ابن عباس في الرؤية، إنما هي بالقلب لا بالبصر، وبه يكون قوله مشابهاً بقول الجمهور، وهو الراجح، والله أعلم. انظر المسألة في: فتح الباري ٨/٤٧٤، شرح صحيح مسلم للنووي ٣/٧، تفسير ابن كثير ٤/٢٦٧، زاد المعاد لابن القيم ٢/٤٨، والإسراء والمعراج، لمحمد ابن أبي شهبة، مكتبة دار الثقافة للنشر، ط/٢، ١٤٠٨هـ القاهرة، ص ٦٥-٦٨، والحجة في بيان المحجة ١/٥٠٦-٥١٠.