للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبة، فلا يلزم إذا عصم نبياً، أن يكون معصوماً قبل النبوة من كبائر الإثم والفواحش، صغيرها وكبيرها، ولا يكون كل نبي كذلك. ولا يلزم إذا كان الله بغّض إليه شرك قومه قبل النبوة، أن يكون كل نبي كذلك، كما عُرف من حال نبينا صلى الله عليه وسلم، وفضائله لا تناقض ما روي من أخبار غيره، إذا كان كذلك، ولا يمتنع كونه نبياً، لأن الله تعالى فضّل بعض النبيين على بعض١ كما فضّلهم بالشرائع والكتب والأمم، وهذا أصل يجب اعتباره.

وقد أخبر الله أن لوطاً كان من أمة إبراهيم، وممن آمن له٢ وأن الله أرسله.

والرسول الذي نشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم، ثم يبعثه الله فيهم يكون أكمل وأعظم ممن كان من قوم لا يعرفونه، فإنه يكون بتأييد الله له أعظم من جهة تأييده بالعلم والهدى، ومن جهة تأييده بالنصر والقهر٣.

قلت: وبهذا يظهر اختلاف درجات الأنبياء والرسل، وعدم الاحتياج إلى التكليف في الجواب عن مثل آية إبراهيم٤ ونحوها، وإن قصارى ما يقال في مثل قوله /تعالى/٥ لنبينا: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} ٦ وقوله: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ} ٧..............................................


١ قال تعالى في تفضيل بعض الأنبياء على بعض: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣] .
وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} [الإسراء: ٥٥] .
٢ قال تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} إلى قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: ١٦-٢٦]
٣ إلى هنا ما نقله المصنف عن شيخ الإسلام رحمه الله.
٤ وهو قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم:١٣] .
٥ ساقط في (ب) و (ج) و (د) والمطبوع.
٦ سورة الضحى الآية (٧) .
٧ سورة الشورى الآية (٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>