للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واصف لأنّه الحق المبين، لا حق أحق منه، ولا شيء أبين منه؛ والعقول عاجزة قاصرة عن تحقيق صفة أصغر خلقه، كالبعوضة، وهو لا يكاد يرى، ومع ذلك يحول ويزول، ولا يرى له سمع ولا بصر، فما يتقلب به، ويحتال من عقله أخفى وأعضل مما ظهر من سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١.

وقال بعضهم٢ مخاطباً للزمخشري٣، منكراً عليه نفي الصفات: شعر:

قل لمن يفهم عني ما أقول ... قصر القول فذا شرح يطول

أنت لا تفهم إياك لا ... من أنت ولا كيف الوصول

لا ولا تدري خفايا رُكَّبت ... بك حارت في خباياها العقول

أنت آكل الخبز لا تعرفه ... كيف يجري منك أم كيف تبول تبولتبول

أين منك الروح في جوهرها ... كيف تسري فيك أم كيف تحول

فإذا كانت طواياك التي ... بين جنبيك /كذا فيها ضلول/٤

كيف تدري من على العرش استوى ... لا تقل كيف استوى كيف النزول٥

وبالجملة: فهذا السؤال، سؤال مبتدع، جاهل بربه؛ وكيف يقول: إذا قلتم، إنّ الله على العرش استوى، وهو يسمع: إثبات الاِستواء، في سبعة مواضع من القرآن٦.


١ سورة الشورى الآية (١١)
٢ في هامش المطبوع: (المشهور أنه أبو حامد الغزالي رحمه الله) .
٣ هو محمود بن عمرو بن محمد الزمخشري، أبو القاسم جار الله الخوارزمي، كبير المعتزلة، صاحب الكشاف في التفسير والمفصّل في النحو والفائق في غريب الحديث وغيرها. (ت٥٣٨هـ) .انظر ترجمته: سير الأعلام ٢٠/١٥٠، والنجوم الزاهرة ٥/٢٧٤.
٤ في هامش المطبوع: الرواية التي نحفظها: (بها أنت جهول) .
٥ لم أعرف مصدر الأبيات.
٦ المواضع السبعة التي ورد فيها ذكر الاستواء هي:
١-قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] .
٢-قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس:٣] .
٣-قوله تعلى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد:٢] .
٤-قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] .
٥-قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الفرقان: ٥٩] .
٦-قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة:٤] .
٧-قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>