للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرم اتخاذ الولائج، من دون الله ورسوله، ومن دون المؤمنين١؛ وهذا الأصل المحكم، لا قِوَام للإسلام إلا به؛ وقد سلك في الإحياء طريق الفلاسفة، والمتكلمين، في كثير من مباحث الإلهيات، وأصول الدين، وكسا الفلسفة لحاء الشريعة، حتى ظنّها الأغمار، والجهال، بالحقائق، من دين الله، الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، ودخل به الناس في الإسلام؛ وهي في الحقيقة محض فلسفة منتنة، يعرفها أولوا الأبصار، ويمجها من سلك سبيل أهل العلم كآفة، في القرى والأمصار.

وقد حذر أهل العلم، والبصيرة عن النظر فيها، ومطالعة خافيها، وباديها؛ بل أفتى بتحريقها علماء المغرب٢، ممن عُرِف بالسنة، وسمّاها كثيرٌ منهم إماتة علوم الدين٣ وقام ابن عقيل٤ أعظم قيام في الذم والتشنيع؛ وزيَّف ما فيه من التمويه والترقيع، وجزم بأنّ كثيراً من مباحثه زندقة خالصة، لا يقبل لصاحبها صرف ولا عدل٥.


١ قال تعالى في تحريم الولائج من المشركين: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة:١٦] قال ابن كثير –رحمه الله-: (يقول تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ} أيها المؤمنين أن نترككم مهملين لا نختبركم بأمور يظهر فيها أهل العزم الصادق من الكاذب. {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} أي بطانة ودخيلة، بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله) تفسير ابن كثير ٢/٣٥٣.
(السبعينية) مطبوع تحت اسم (بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية وأهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد) لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق موسى سليمان الدويش، مكتبة العلوم والحكم، ط/١، ١٤٠٨هـ، ١٩٨٨م ص٢٨٠. ومطبوع أيضاً ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر سير الأعلام ١٩/٣٢٧.
٣ وممن سماه بذلك: محمد بن الوليد الطرطوشي، انظر سير الأعلام ١٩/٤٩٥.
٤ هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد البغدادي الظفري المقرئ، أبو الوفاء، شيخ الحنابلة، صاحب التصانيف منها كتاب: "الفنون"، الذي يزيد على أربعمائة مجلد، كان كثير العلوم خارق الذكاء، ولد علم ٤٣١ و (ت٥١٣هـ) . لسان الميزان ٤/٢٤٣؛ الأعلام للزركلي ٥/١٢٩؛ ذيل طبقات الحنابلة ١/١٤٢؛ سير الأعلام ١٩/٤٤٣؛ النجوم الزاهرة ٥/٢١٩؛ وشذرات الذهب ٤/٣٥.
٥ لم أجد مصدر كلام ابن عقيل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>