للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واغتنم أيام حياتك، فعس الله أن يحشرنا وإياك في زمرة عسكر السنة والقرآن، والسابقين الأولين من أهل الصدق والإيمان.

والشبهة التي تمسك بها من قال بجواز الاستعانة، هي ما ذكرها بعض الفقهاء، من جواز الاستعانة بالمشرك عند الضرورة. وهو قول ضعيف مردود، مبني على آثار مرسلة١، تردها النصوص القرآنية، والأحاديث الصحيحة الصريحة النبوية. ثم القول بها- على ضعفه- مشروط بشروط نبه عليها شراح الحديث٢، ونقل الشوكاني منها طرفاً في شرح المنتقى، منها: أمن الضرر والمفسدة، وأن لا يكون لهم شوكة وصولة، وأن لا يدخلوا في الرأي والمشورة٣.

وأيضاً ففرضها في الانتصار بالمشرك على المشرك. وأما الانتصار بالمشرك على الباغي عند الضرورة، فهو قول فاسد، لا أثر فيه ولا دليل عليه، إلا أن يكون محض القياس٤، وبطلانه أظهر شيء في الفرق بين الأصل والفرع، وعدم الاجتماع في مناط الحكم. شعر:

وليس كل خلاف جاء معتبراً ... إلا خلاف له حظ من النظر٥

والمقصود المذاكرة في دين الله، والتواصي بما شرعه من دينه وهداه.

بلغ سلامنا العيال، والشيخ حسين٦ومن عز عليك. ومن لدينا العيال والإخوان


١ كمرسل الزهري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في خيبر، في حربه فأسهم لهم) . سنن الترمذي ٤/ ١٠٨- ١٠٩، السير، باب في أهل الذمة يسهم لهم؛ نيل الأوطار ٨/ ٢٥٣.
٢ وقد تقدم ذلك في ص ٢٣٩.
٣ نيل الأوطار ٧/ ٢٥٤.
٤ يريد: قياس الاستعانة بالمشرك على الباغي، على جواز الاستعانة به على مشرك مثله. ثم يذكر أن هذا القياس واضح البطلان، نظراً للفرق الظاهر بين الحالتين. ففي الأصل استعانة بمشرك على مشرك، وفي الفرع استعانة بمشرك على مسلم باغي.
٥ لم أعرف قائله، ولا مصدره.
٦ لعله الشيخ حسين قاضي الحريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>