للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشافهتك في البحث عن بعض ذلك فاعتذرت وتنصلت، وطلبت الكف عن هذه المادة، وأنك لا تعود إلى شيء من ذلك. فجربت معك بالسيرة الشرعية، في الكف عمن أظهر الخير والتزمه، وتركنا السرائر إلى الله، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور١.

وقد بلغنا عنك بعد ذلك أنك أبديت لإخوانك وجلسائك شيئا مما تقدمت الإشارة إليه، من السباب والقدح، لا سيما إذا خلوت بمن يعظمك ويعتقد فيك، من أسافل الناس وسقطهم، الذين لا رغبة لهم فيما جاءت به الرسل، من معرفة الله ومعرفة دينه وحقه، ما شرع من حقوق عباده المؤمنين. وقد عرفت يا عبد الله، أن من باح بمثل هذا، وأظهر ما انطوى عليه من سوء المعتقد، وطعن في شيء من مباني الإسلام، وأصول الإيمان؛ فدمه هدر، وقتله حتم.

وقد حكى ابن القيم٢ -رحمه الله تعالى- عن خمسمائة إمام من أئمة الإسلام ومفاتيه العظام، أنهم كفّروا من أنكر الاستواء، وزعم أنه بمعنى الاستيلاء٣؛ ومن جملتهم، إمامك الشافعي –رحمه الله- وجملة من أشياخه كمالك وعبد الرحمن بن مهدي٤ والسفيانين٥؛


١ اقتباس من قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} "غافر:١٩".
٢ تقدمت ترجمته في ص ٣٢٩.
٣ وهؤلاء الجهمية. وقد تقدم ذكر تأويلهم ذلك في ص ٣٧٣-٣٧٧. وردود العلماء عليهم.
٤ هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن، أبو سعيد العنبري، سيد الحفاظ، سمع من معاوية بن صالح الحضرمي، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وغيرهما. "ت ١٩٨هـ". تاريخ بغداد ١٠/٢٤٠، سير الأعلام ٩/١٩٢.
٥ هما: سفيان بن عيينة، وقد تقدمت ترجمته في ص ٣٠٣، وسفيان الثوري هو سفيان بن سعد بن مسروق بن حبيب، أبو عبد الله الثوري الكوفي، إمام الحفاظ المجتهد. ولد سنة "٩٧هـ" من صغار التابعين. "ت ١٦١م". تاريخ بغداد ٩/١٥١، سير الأعلام، ٧/٢٢٩-٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>