للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركون وزعم أنهم هم الأمة الوسط١ وأنهم صفوف أهل الجنة٢، وأنهم عتقاء الله في شهر الصيام، وأن من كفرهم فقد كفر أمة محمد لأنهم يتكلمون بالشهادتين وهذا الكلام من أوضح الأدلة وأبينها على ضلال مبدية، وسفاهة ملقية، وأنه أضل من إطلاق لفظ الأمة الأنعام، ويكفي في رده مجرد حكايته، فإن الفطر السليمة تقضي برده وبطلانه، والأدلة من الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن قائله عدو للنصوص والفطر والعقل والنظر؛ ولا يبعد أنه تلقاه عن مثلك ووصل إليه من أبناء جنسك. /وما أظن/٣ اجتماعك بهذا الضرب من الناس، إلا على هذا، وجنسه من الشهادات والجهالات التي حاصلها القدح في أصول الإيمان وعيب أهله وذمهم. {لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} ٤ وهذه الشبه يعرف فسادها كل من كانت له ممارسة من العلم، وإن قلت؛ فإن لفظ الأمة مفردا ومضافا، يقع على المستجيب المهتدي، ويقع أيضا على المكذب المعاند، فالأول كقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ٥، وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} ٦، وقوله: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} ٧ وفي الحديث: "أنتم توفون سبعين أمة وأنتم خيرها وأكرمها على الله" ٨ وفيه: "إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا، هذه


١ أي الأمة التي وصفها الله تعالى لقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} "البقرة: ١٤٣".
٢ هذه إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة عشرون ومائة صنف.." وسيأتي الحديث بتمامه عند المصنف في الصفحة التالية، وكذلك تخريجه.
٣ في "د": وما ظن.
٤ سورة الأنعام الآية "٦٧".
٥ سورة آل عمران الآية "١١٠".
٦ سورة البقرة الآية "١٤٣".
٧ سورة الأعراف الآية "١٨١".
٨ مسند الإمام أحمد ٥/٣، بلفظ: "ألا إنكم توفون.." و٥/٥، بلفظ: "إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم أخرها.." سنن ابن ماجه ٢/٤٤٦، الزهد، باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم بلفظ: "إنكم وفيتم..". سنن الدارمي ٢/٤٠٤، الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنتم خير الأمم " بمثل لفظ أحمد الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>