للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهادك أهل البدع، والإغلاظ في الإنكار على الجهمية والمعطلة ومن والاهم، وهذا من أجل النعم وأشرف العطايا، وهو من أوجب الواجبات الدينية؛ فإن الجهاد بالعلم والحجة، مقدم على الجهاد باليد والقتال، وهو من أظهر شعار السنة وآكدها. وإنما هو تختص به في كل عصر ومصير، أهل السنة وعسكر القرآن، وأكابر أهل الدين والإيمان.

فعليك بالجد والاجتهاد به، من أفضل الزاد للمعاد، قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} ١.

هذا وقد ألقي إلي ورقة جاءت من نحوكم، سوَّدها بعض الجهمية المعطلة، مشتملة على إنكار علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، كما هو رأي جهم وأشياعه، محتجا صاحبها بشبهات كسراب بقيعة، من نظر إليها من أهل العلم والمعرفة؛ تيقن أنه من الأدلة على أن قائله قد عدم العلم والإيمان، والمعرفة والحقيقة، وأنه ممن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسبون أنهم يحسنون صنعا ٢.

وقد أبداه قائله ليتشبع بما لم يعط من العلم ٣ ويتزيى/ بغير زي العلماء/٤؛ فكشف الله سوءته، وأبدى خزيه، وصار كلامه دليلا على جهله وعماه، وضلاله عن سبيل رشده وهداه.

فأول ما رسم في هذه الورقة المشار إليها، قوله –وفقك الله إلى أقوم الطريق: هل لكلمة التوحيد- وهي لا إله إلا الله- شروط وأركان وآداب فإن قلت نعم، فما هي


١ سورة غافر الآية "٥١، ٥٢".
٢ هذا اقتباس من قوله تعالى: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: ١٠٤] .
٣ وقد تقدم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "المتشيع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" في ص ٥٢٥.
٤ في المطبوع: بغير زيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>