للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا لفظه. وقد عرفت أن الرجل لبس من أهل هذا الفن، ولا يدري ما هنالك.

والتوحيد عند هذه الفرقة الجهمية، حقيقة١ تعطيل الأسماء والصفات؛ لأن عندهم تعدد الصفات يقتضي تعدد الموصوف، والوحدة عندهم والتوحيد ينافي ذلك، فيثبتون ذاتا مجردة، وحقيقة مطلقة غير موصوفة ثبوتية٢ ويفسرون الواحد بأنه الذي لا يقبل الانقسام.

وهذا كلام شيوخه وأسلافه من الجهمية الضالين، الذين ينكرون العلو والاستواء، ويزعمون أنه بذاته مستوٍ في كل مكان، فما نزهوه عن شيء من الأماكن القذرة التي يتنزه عنها آحاد خلقه. فما أجرأهم وما أكفرهم وما أضلهم عن سواء السبيل.

ومنكر الاستواء هذا توحيده، وهذا رأيه. وأما التوحيد الذي اشتملت عليه كلمة الإخلاص، فهذا أجنبي عنه، لا يدريه، وكيف يدري ذلك كمن أنكر أظهر الصفات التي بنيت عليها كلمة التوحيد، واستحق بها الرب ما له من صفات الإلهية والربوبية والكمال المطلق، فما للجهمية وهذا، وهم إنما يعيدون عدما وإنما يبحث عن هذا ويدريه من يعيد إلها واحدا فردا صمدا.

وشرط كلمة الإخلاص، يعرفها –بحمد الله- صغار الطلبة من المسلمين أهل الإثبات. ويتبين ذلك بتعريف الشرط: وهو أنه ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود لذاته٣. وإذا عرف هذا، فالعقل يلزم من عدمه العدم، والتمييز يلزم من عدمه العدم، والعلم يلزم من عدمه العدم؛ هذه شروط الصحة٤.

وأما شروط القبول: فالالتزام والإيثار والرضا. وإذا اجتمعت هذه الشروط، حصل


١ كذا في جميع النسخ، ولعل الأولى أن يقال: حقيقته.
٢ تقدم ذكر معتقد الجهمية في ص ٢٩٩.
٣ روضة الناظر ١/١٦٢. وأصول الفقه لمحمد أبي زهرة ص ٥٩.
٤ أي: العقل والتمييز والعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>