للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الشروط معدومة في الرسائل، قد اتصف بضدها ومعبوده مسلوب الصفات، لا وجود له في الحقيقة، وأمره ونهيه منبوذ عند هذه الطائفة، لا يهتدون بكتابه ولا يأتمرون بأمره؛ والمعول عندهم على شبهات منطقية، وخيالات كلامية يسمونها: قواطع عقلية، ومقدمات يقينية. ونصوص الكتاب والسنة عندهم، ظواهر لفظية، وأدلة ظنية.

وأما طبائعهم فأقسى الخلق وأعتاهم وأعظمهم ردا على الرسل، واعتمادا على أقوال الصابئة والفلاسفة وأمثالهم من شيوخ القوم، الذين لم يلتفتوا إلى ما جاءت به الرسل، ولم يرفعوا به رأسا، فضلا عن معرفته وقبوله، فما لهذا السائل وآداب كلمة الإخلاص.

وأما الأركان: فركناها: النفي والإثبات. نفي استحقاق الإلهية عما سوى الله، وإثباتها لله وحده على وجه الكمال.

وأما الآداب: فالدين كله يدخل في مدلولها وآدابها. وأرفع مراتب الآداب وأعلاها، مرتبة الإحسان، وهي أعلى مقامات الدين، وبَسْطُها يعلم من معرفة شعب الإيمان وواجباته ومستحباته. وعندهم أن الإيمان مجرد التصديق، فلا يشترط عمل القلب وعمل الأركان، في حصول الحقيقة المميزة بين المسلم والكافر. هذا رأي الجهمية الجبرية، فالأعمال ليست من مسماه، والتصديق والإخلاص/ليسا/١ من أركانه٢. وهذا يعرفه صغار الطلبة؛ فكيف يترشح هذا الجهمي لما ليس من فنه ولا من علمه وفي المثل: ليس هذا بعشك فادرجي ٣. والمقصود إفادة مثلك. وأما


١ في "أ": ليس.
٢ هذه هي عقيدة المرجئة في الإيمان، وقد تقدم ذكرها في ص ١٧٤.
٣ في "أ" و"ج": "ليس عشك ادرجي". وفي جمهرة الأمثال: "ليس بعشك فادرجي"، والمثبت من مجمع الأمثال. هو مثل يضرب لمن يرفع نفسه فوق قدره. مجمع الأمثال للميداني ٢/١٧٠؛ جمهرة الأمثال، لأبي هلال العسكري ٢/٦١٣، مثل رقم "١٧٢٦". وقد أورده صاحب اللسان في مادة "درج".

<<  <  ج: ص:  >  >>