للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك قال: "الله أكبر، إن شأن الله أعظم من ذلك، ويحك أتدري ما الله، إنه على عرشه. وأشار بيده كالقبة، وأنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه"١. وهذا الحديث لا يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة الذين عرفوا الله بصفات كماله، وعرفوا عظمته، وأنه لا يليق به غير ما وصف به نفسه من استوائه على عرشه، ونزهوه أن يستوي على ما لا يليق بكماله وقدسه من سائر مخلوقاته.

ومن أصول أهل السنة والجماعة، أنه سبحانه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه٢. ولم يصف نفسه بأنه استوى على شيء غير العرش. وكذلك رسله وأنبياؤه وورثتهم، لم يصفوه إلا بما وصف به نسفه. فإنكار هذا الجهمي اختصاص الاستواء بالعرش، تكذيب لما جاءت به الرسل، ورد لما فطر الله عليه بن آدم، من التوجه إلى جهة العلو وطلب معبودهم وإلههم فوق سائر الكائنات٣. {فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ٤.

وتخصيص العرش بالاستواء نص، لأنه/لا يستوي/٥ على غيره. والسائل أعجمي، لا خبرة له بموضوع الكلام ودلالته. قال الحسن في مثل هؤلاء: "دهتهم العجمة"٦. ونفي الاستواء عن غير العرش معلوم من السياق، مع دلالة النص


١ هذا الحديث ذكره الشيخ بالمعنى، ولفظه عند أبي داود:"أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسقي الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك أتدري ما تقول وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك أتدري ما الله، إن عرشه على سماواته لهكذا. وقال بأصبعه مثل القبة عليه: وإنه ليئظ به أطيط الرحل بالراكب". سنن أبي داود ٥/٩٤-٩٥، السنة، باب في الجهمية.
٢ شرح حديث النزول لابن تيمية ص ٧٢، ٣٨٨.
٣ ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاواه ٧/١٨٧.
٤ سورة المؤمنون الآية "٤١".
٥ كذا في "أ". وفي بقية النسخ: لم يستو.
٦ تقدم قوله في المعتزلة ص ١٨١. ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>