للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإجماع والفطرة كذلك، ودلالة الأسماء الحسنى كالعلي والأعلى، والظاهر ونحو ذلك.

ولفظ العلو والارتفاع والصعود يشعر بذلك، ويستحيل أن يستوي على شيء مما دون العرش، لوجوب العلو المطلق، والفوقية المطلقة.

وأما قوله: وهل أتى سبحانه بحرف الحصر والاختصاص:

فدلالة الكلام على الحصر والاختصاص تارة تكون بالحروف١ وتارة تكون بالتقديم والتأخير٢، وتارة تكون من السباق وتارة تكون بالاقتصار على المذكور في الحكم، ولا يختص الاختصاص بالحروف. قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٣ وهذا الضمير الظاهر ليس من حروف الحصر، وإنما عرف واستفيد من التقديم/ والتأخير/٤. وتارة يستفاد من الحروف كقوله: "إنما الأعمال بالنيات" ٥، وكقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٦، وتارة من الاستثناء بإلا بعد النفي، كقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ٧ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} ٨. ونحو ذلك. والسائل حصرها يظنها مختصرة في الحروف، وهذا من جهله.

ثم يسأل عنا عن أقسام الحصر، كم هي وما الفرق بين حصر الأفراد وحصر القلب


١ كحرف "إن" و "ما" مجموعتين في "إنما".
٢ كتقديم المعمول على عامله، كما في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] .
٣ سورة الفاتحة الآية "٥".
٤ زائد في "ب" و "ج" و "د" والمطبوع.
٥ سيأتي تخريجه في ص ٧٨٢.
٦ سورة فصلت الآية "٦" أولها {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} .
٧ سورة الأنبياء الآية "١٠٧".
٨ سورة آل عمران الآية "١٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>