للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحصر الإدعائي ومقابله، ويسأل هل دلالة الحصر نصية أو ظاهرية وهل هي لفظية لغوية أو عقلية وما أظنه يحسن شيئا من ذلك، وإذا أخبر تعالى أنه استوى على العرش، فلا يجوز أن يقال: أنه استوى على غيره، لوجوه:-

منها: أنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه؛ والتجاسر على مقام الربوبية بوصفه بما لم يصف به نفسه، وزيادة/نعت/١ لم تعرف عنه ولا عن رسله، قول على الله بغير علم، وهو فوق الشرك في/عظم/٢ الذنب والإثم، وأكذب الخلق من كذب على الله. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} ٣ الآية.

الوجه الثاني: أن الله سبحانه وتعالى يستحق من الصفات أعلاها وأشرفها وأجلها. والعرش أعظم المخلوقات، هو سقفها الأعلى، وقد وصفه الله تعالى بالعظم، فقال: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ٤.

وقال: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} ٥؛ ووصفه بالسعة فقال: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ٦ فكيف يوصف بالاستواء على ما دونه، وقد تمدح وأثنى على نفسه بالاستواء عليه ووصفه بما لم يصف به غيره من مخلوقاته.

الوجه الثالث: أن تمثيله بقول القائل: زيد استوى على الدار، وأن ذلك لا يعلم منه أنه لا يستوي على غيرها:

فهذا جهل عظيم، والكلام يختلف باختلاف حال الموصوف، وما يليق له من


١ في "أ": لغة.
٢ في "أ": تعظيم.
٣ سورة الأعراف الآية "٣٣".
٤ سورة التوبة الآية "١٢٩"، وتمامها: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}
٥ سورة البروج الآية "١٥".
٦ سورة البقرة الآية "٢٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>