للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ١ ختم هذه الآية بهذين الاسمين الشريفين، يشعر بما قاله الكلبي، من أنه يعلم ويرى. ومن كان له أدنى شعور بعظمة الله وجلاله، عرف صغر المخلوقات بأجمعها في جنب ما له تعالى من الصفات المقدسة، ولم يخلتج في قلبه ريب ولا شك في الإيمان بهذه النصوص كلها، وعرف الجمع بينها وبين ما تقدم. فسبحان من جلت صفاته، وعظمت أن يحاط بشيمنها.

وأما قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ٢ فهذا القرب لا ينافي علوه على خلقه واستواءه على عرشه ٣.

وفي الحديث: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء"٤، ولا يعرف هذا من ضاق نطاقه عن الإيمان بما جاءت به الرسل وإنما يعرفه رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين.

ومن أسمائه العلى الأعلى؛ ومن أسمائه القريب المجيب؛ ومن أسمائه الظاهر الباطن. وكذلك قوله/تعالى/٥: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} ٦ وقد حرف السائل هذه الآية، وقال: إنه قريب، وهذا قرب خاص/بداعيه/٧.

وفي الحديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" ٨ حال السجود غاية في العبودية والخضوع، ولذلك صار له قرب خاص لا يشبهه سواه. وهذا مما يبن لك


١ سورة البقرة الآية "١١٥".
٢ سورة ق الآية "١٦".
٣ شرح حديث النزول لابن تيمية ص ٣١٤؛ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٣/١٤٣، ٥/١٠٣.
٤ تقدم تخريجه في ص ٥٤٥.
٥ ساقط في "أ" "ب".
٦ سورة البقرة الآية "١٨٦".
٧ في "ج" و"د" والمطبوع: يدعيه. وهو خطأ.
٨ تقدم تخريجه في ص ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>