للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الفقه الأكبر، ثم يا هذا، قد استدللت على رجوعك بقضية عمر في/ المشرَّكة/١ وبما صح من رجوع كثير من أئمة الاجتهاد عن أقوال ظهر لهم الحق في خلافها، والرجوع إلى الحق أولى وأحق، ولكن لا يخفي أن رجوعهم من اجتهاد إلى اجتهاد، بخلاف من رجع/عن/٢ ذنب يأثم به ولا يؤجر، بل غايته بعد التوبة أن يغفر، ولذلك قالوا بصحة الاجتهاد الأول، /إذا قضى به أو حكم به، لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد ٣. كما ذهب إليه عمر ومن تبعه من النقاد؛ بخلاف قضيتك


١ في المطبوع: "المشتركة" وهي أيضا تسمية صحيحة لهذه المسألة؛ وتسمى أيضا بالحمارية وبالحجرية وباليميَّة.
والمشركة: مسألة فرضية، ضابطها: أن يوجد في المسألة:
١- زوج. ٢- وذات السدس من أم أو جدة.
٣- وإخوة لأم اثنان فأكثر. ٤- وأخ شقيق فأكثر، سواء كانوا ذكورا أم إناثا.
ولا بد لهذه المسألة من هذه الأركان الأربعة: فإن اختل واحد منها لم تكن مشرَّكة.
أما قضية عمر رضي الله عنه في المشركة: أنه رضي الله عنه عُرضت عليه هذه المسألة مرتين، فكان رايه فيهما رأيين، أخذ بكل واحد منهما طائفة من العلماء:
الأول: أنه رضي الله عنه قضى فيها أولا بسقوط الشقيق، جريا على الأصل، وهو سقوط العاصب، إذا استغرق الفروض التركة. وهذا مروي أيضا عن علي وابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وغيرهم، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة وأحمد.
الثاني: أنه في المرة الثانية قضى بالتشريك بين الإخوة من الأم والإخوة الأشقاء في الثلث. ووافقه على هذا جماعة من الصحابة، منهم عثمان، وإحدى الروايتين عن زيد وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، وهو قول شريح وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين ومسروق وطاووس والثوري ومالك والشافعي رحمهم الله.
العذب الفائض شرح عمدة الفارض، للشيخ إبراهيم بن عبد الله الفرضي، دار الفكر، ط/٢، ١٣٩٤هـ ١٩٧٤م، ١/١٠١-١٠٢. التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية، للشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله بن فوزان، ط/٣، ١٤٠٧هـ، ص ١٢٧-١٢٩. حاشية ابن عابدين ٥/٥٠١، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٤/٤١٥، الأم للشافعي ٤/١١٧، المغني مع الشرح الكبير ٧/٢١-٢٢.
٢ في "أ" والمطبوع: من.
٣ هذا بالإجماع. انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٠٥؛ وشرح القواعد الفقهية لأحمد الزرقا ص ١٥٥، القاعدة رقم "١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>