للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه، وأن ما دل عليه حقائق صفات الله سبحانه، ونعوت جلاله، من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، معدود عند السلف من المتشابه، ونحو هذا من كلامه؛ فإن كنت لا تفهم من هذا نفيا ولا تعطيلا، فلتبك عقلك النوائح. أين أولو البصائر والأفهام أين المناضلون عن ملة الإسلام ما هذه إلا مكابرة جلية، وسفسطة جدلية، فإن صبيان المكاتب –فضلا عن أولي العلوم والمراتب يعلمون أن هذه العبارة صريحة في التعطيل، غير محتملة للتصحيح والتأويل.

وقد كنت أظن بك دوهن هذه المكابرة، وأحسب أنك ترعوي عند المحاقة والمخابرة، لا سيما بعد إطلاعك على هذا الرد النفيس، وما تضمنه من براهين الإثبات والتقديس، فخلت أن همتك ترتفع به إلى فوق، وإنك لا ترضى سبل الميل والعوق، وأن أفراخ اليونان لا تعوقك عن الوصول، وأن أسلاف القوم لا يصدفنك عن سنن الرسول، لكن كما قيل:

خفافيش أعشاها النهار بضوئه

ووافقها قطع من الليل مظلم

جوابه: إن الاتفاق والاختلاف، إنما يقع عند ذوي البصائر والعقول والإفهام السليمة في غير صرائح العبارات ومنطوقها، وفي غير الدلالة المطابقية. ولا يمتري عاقل –فضلا عن العالم- الذي خالف فهمك فهم شيخنا فيه، صريحه ومنطوقه، يرد زعمك وينافيه.

ثم إنك ادعيت أولا أنك سليم العقيدة موافق لما في الفقه الأكبر لأبي حنيفة، ولما عليه الأئمة الذين حكيت أقوالهم. وهذا حسن جيد، لكن يعكر عليه ويناقضه قولك بعد: لكني وقفت بعد ذلك على كلام لبعض العلماء، ينافي بعض ما فيها، فملت إليه، وعولَّتُ لكونه أقرب للسلامة، وأشبه بهدي أهل الاستقامة.

وهذا تصريح منك بالميل إلى خلافها، والتعويل على سواها بعد اعتقادها، وهو مخالف ومناقض لكلامك الأول، حيث زعمت أنك كنت في حال نقلك متأسيا بما

<<  <  ج: ص:  >  >>