للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن خط الرجل حجة عليه، ودعواه أنه ناقل، دعوى تفتقر إلى إثبات ودليل؛ فلا غرو أن حكم شيخنا الوالد بخطك عليك، وأشار برد أباطيله إليك.

وقد ذكرت أنك كنت متأسيا حال النقل بما في الفقه الأكبر لأبي حنيفة، في العقيدة السليمة الحميدة، وعسى الله أن يحقق ذلك. وعلى تسليمه، كيف ساغ لك أن تكتب ضدها ولا تبين ما فيه ولو أخذت بواجب أمر الفرقان، وتخلقت بخلق أهل الإيمان المذكور في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} ١ لما وجه الوالد ولا غيره إليك ردا ولا ملاما، ولكن: عرضت نفسك للبلاء فاستهدف.

ومن ذلك قولك: قد تمادى بنا الكلام حتى خرجنا عن المقام، تنبيها لأولي الأفهام ودفعا لكثير من الأوهام.

وهذا تصريح منك بأن أخذك بخطك من باب الوهم، ومن المعلوم أنه لم يكن مما يفيد اليقين والثبوت، فأقل أحواله تنزيلا، أن يكون من باب الفراسة، والحكم بالقرائن القوية. ومن زعم أن الحكم بها من باب الأوهام،/فسفسطته وجدله/٢ مما لا يحتاج برهانه وتقريره لبسط كلام. ولا يشك من له أدنى مسكة من عقل، أن من اعتنى بنسخ كتب الزندقة والتعطيل والتجهم، مع دعواه أنه لا يعتقدها، فهو مخبول العقل، ليس عنده من وازع الدين ما يقتضي تركها.

هذا لو سلمنا له هذه الدعوى، وتركنا الأدلة والقرائن على استحسانها واعتقادها, وأدهى من هذا وأمر وأوضح/ عند/٣ من نظر في خطك واعتبر أنك تقول أنه لم يظهر لك في حال نقلك لتلك الرسالة، من نفي إثبات الصفات، المؤدي إلى التعطيل، ما فهمه شيخنا الوالد حفظه الله، فإن كنت لا تفهم من قول هذا الرجل في ربه: أنه


١ سورة الفرقان الآية "٧٢".
٢ في "أ" و "ب": فسفسطة وجدلة.
٣ في "أ" والمطبوع: منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>