للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا التوحيد ويبطله، كما قال تعالى -لما ذكر خواص أوليائه ومقربي رسله-: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١.

والشرك قد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم يتعريف جامع، كما في حديث ابن مسعود/ رضي الله عنه/٢ أنه قال: يا رسول الله، أي الذنب أعظم قال: "أن تجعل لله ندا وهو خلقك" ٣. والند المثل والشبيه، فمن صرف شيئا من العبادات لغير الله، فقد أشرك به شركا يبطل التوحيد وينافيه؛ لأنه شيه المخلوق بالخالق، وجعله في مرتبته، ولهذا كان أكبر الكبائر على الإطلاق، ولما فيه من سوء الظن به تعالى. كما قال الخيل عليه السلام: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ٤.

قال الإمام ابن القيم –رحمه الله- "فما ظنكم أن يجازيكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره٥ وما ظنكم، بأسمائه وصفاته وربوبيته من النقص، حتى أحوجكم ذلك إلى عبودية غيره، فلو ظننتم به ما هو أهله من أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قديرب، وأنه غني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، وأنه قائم بالقسط على خلقه، وأنه


١ سورة الأنعام الآية "٨٨".
٢ زائدة في "د".
٣ صحيح البخاري مع الفتح ١٣/٥٠٠ التوحيد، باب قوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} و١٣/٥١٢. صحيح مسلم بشرح النووي ٢/٤٣٩-٤٤٠، الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب. سنن أبي داود ٢/٧٣٢، الطلاق، باب في تعظيم الزنا. سنن الترمذي ٥/٣١٤، التفسير، باب تفسير سورة الفرقان. سنن النسائي ٧/٨٩، تحريم الدم، باب ذكر أعظم الذنوب.
٤ سورة الصافات الآية "٨٦، ٨٧".
٥ هذا الجزء "من كلام ابن القيم رحمه الله" إلى هنا ورد في ص ٢٥، من كتابه: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم الجوزية "٦٩١-٧٥١هـ" دار الكتب العلمية، بيروت لبنان. ط/١٤٠٧هـ ١٩٨٧م. وذكر قريبا بهذا المعنى: القاسمي في تفسيره ١٤/٤٦-٥٠، والشوكاني في فتح القدير ٤/٤٠١. وسيأتي تخريج هذا الجزء نفسه مع بقية كلامه عند نهايته.

<<  <  ج: ص:  >  >>