للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجنة دار أهلها الذين أخلصوها لله وحده، وأخلصهم لها، والنار دار من أشرك فيها مع الله غيره، وسوى بينه وبين الله فيها، فالقيام بها علما وعملا وحالا، وتصحيحها هو تصحيح شهادة أن لا إله إلا الله.

فحقيق لمن نصح نفسه، وأحب سعادتها ونجاتها، أن يتيقن لهذه المسألة، وتكون أهم الأشياء عنده، وأجل علومه وأعماله؛ فإن الشأن كله فيها، والمدار عليها، والسؤال عنها يوم القيامة، كما قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١.


= وقد أنكرت ذلك المعتزلة والقدرية، وقالوا: إن الله ينشئهما يوم القيامة، وذلك بناء على أصلهم الفاسد، بأن الله ينبغي أن يفعل كذا، ولا ينبغي أن يفعل كذا وقاسوه سبحانه وتعالى على خلقه في أفعالهم. وقالوا: إن خلق الجنة قبل الجزاء عبث لأنها تصير معطلة مددا متطاولة.
وكتاب الله تعالى صريح في الرد على أولئك الضلال، ومليء بالآيات المبينة لكون الجنة والنار مخلوقتان منها:
قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٣] .
وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤] . كما تواترت في ذلك الأحاديث النبوية الصحيحة الصريحة، بما لا يدع مجالا للشك في ذلك، كقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده باالغداة والعشي، فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كن من أهل النار، فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة". رواه البخاري في صحيحه ٣/٢٨٦، كتاب الجنائز، باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي.
انظر المسألة في: مقالات الإسلاميين ٢/١٦٨. لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية، لشرح الدرة المضيئة في عقيدة الفرقة المرضية، لمحمد بن أحمد السفاريني الأثري، مطابع دار الأصفهاني وشركاه بجدة، ١٣٨٠هـ ٢/٢٢٥-٢٢٧. وشرح العقيدة الطحاوية ص ٦١٤-٦٢٢.والتنبيهات السنية ص ٢٥٨. وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح أو "صفة الجنة" لابن القيم "ت٧٥١هـ"، تحقيق وتعليق على الشربجي وقاسم النوري، نشر مكتبة العلم، جدة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط/١، ١٤١٢هـ-١٩٩٢م ص ٣٥-٢٦.
١ سورة الحجر الآية "٩٢، ٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>