للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وقوله: مذهب خامس؛ يبين جهله، وأنه لا يعرف العلم، ولا العلماء، فإن الذي قام به شيخ الإسلام، لا يقال له مذهب، وإنما يقال له دين وملة، فإن التوحيد هو دين الله، وملة خليله إبراهيم، ودين جميع الأنبياء والمرسلين، وهو الإسلام الذي بعث/الله/١ به محمدا صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه علماء الأمة سلفا وخلفا، ولا يخالف في هذا إلا من هو مشرك كما قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ٢ وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ٣، فسماه الله تعالى في هاتين الآيتين وغيرهما من آي القرآن دينا ولم يسمه مذهبا.

وأما ما جرى على ألسنة العلماء من قولهم: مذهب فلان، أو ذهب إليه فلان، فإنما يقع في الأحكام لاختلافهم بحسب بلوغ الأدلة وفهمها، وهذا لا يختص بالأئمة الأربعة –رحمه الله- بل مذاهب العلماء قبلهم وبعدهم في الأحكام كثيرة.

فقد جرى الخلاف بين الصحابة –رضي الله عنه- فللصديق رضي الله عنه مذهب تفرد به، ولابن مسعود كذلك، وكذا ابن عباس، وغيرهم من الصحابة، وكذا الفقهاء السبعة٤ من التابعين، خالف بعضهم بعضا في مسائل، وغيرهم من التابعين كذلك، وبعدهم أئمة الأمصار كالأوزاعي إمام أهل الشام، والليث بن سعد إمام أهل مصر،


١ زيادة في المطبوع.
٢ سورة الزمر الآية "٢، ٣".
٣ سورة البينة الآية "٥".
٤ الفقهاء السبعة: هم المشهورون بفقهاء المدينة السبعة، وهم:
١- خارجة بن زيد ٢- سعيد بن المسيب ٣- عروة بن الزبير ٤- سليمان بن يسار ٥- القاسم بن محمد ٦- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ٧- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>