للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون إذا أفسد الناس" ١. وفسر الغرباء بأنهم النزاع من القبائل ٢ فلا يقبل الحق من القبيلة إلا نزيعة الواحد والاثنان، ولهذا قال بعض السلف: لا تستوحش من الحق لقلة السالكين، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين. وعن بعضهم: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، إنما العجب ممن نجا كيف نجا ٣. فإذا كان الأمر كذلك فلا تعجبوا من كثرة المنحرفين الناكبين عن الحق المبين، المجادلين في أمر الدين، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار} ٤.

فأعظم منة على من رزقه الله معرفة الحق، الاعتصام بكتابه، والتمسك بتوحيده وشرعه، مع كثرة المخالف والمجادل بالباطل و {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً} ٥.

وصلى الله على /محمد/٦ سيد المرسلين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


١ تقدم تخريجه في ص ٢٥٤.
٢ هكذا جاء في رواية ابن ماجه في سننه ٢/٣٧٦. وقد تقدم كلام ابن الأثير والزمخشري في معنى "النزاع" في ص ٢٦١.
٣ تقدم هذا الكلام في ص ٢٩٨.
٤ سورة غافر الآية "٣٥".
٥ سورة الكهف الآية "١٧".
٦ زيادة في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>