للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من يقول: أسقط الربوبية، وقل في الرسول ما شئت. ومنهم من يقول: نحن نعبد الله ورسوله. ومنهم من يأتي إلى قبر الميت فيقول: اغفر لي وارحمني ولا توقفني على زلة. إلى أمثال هذه الأمور التي يتخذ فيها المخلوق إلها١.

/أقول/٢: وهذه سنة مأثورة وطريقة مسلوكة والله غير مهجورة، وضلالة واضحة مشهورة، وبدعة مشهورة غير منكورة، وأعلامها مرفوعة منشورة، وراياتها منصوبة غير مكسورة، وبراهينها غير محدودة ولا محصورة، ودلائلها في كثير من المصنفات والمناظيم مذكورة، كما قال ذلك في البردة، وبين في ذلك قصده:

دع ما ادعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم٣

فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم٤

ولو نطيل بنقل هذه الأخبار، لحررنا مها أسفارا، /فلنكف عنان القلم/٥ اليراع٦ في هذا؟ الميدان. فالحكم والله لا يخفى على ذي عيان، بل أجلى من ضياء الشمس


١ من قوله "وكان رجل يباشر ... " إلى هنا نقله من الرد على البكري بتصرف، ص ٢١٨، ٢١٩.
٢ بياض في "أ". وجاء على هامش "د" تعليق الناسخ بقوله: "هذا من كلام شيخنا عبد اللطيف".
٣ بردة المديح المبارك، لأبي عبد الله محمد الوصيري، نشر مكتبة الحاج محمد وأولاده، ممباسا، كينيا، ص ١١.
٤ المصدر السابق، ص ٣٥. في البيت ترى كيف أضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما استأثر الله بعلمه، من علم اللوح والقلم، وهذا ادعاء منه ونسبة لمعرفة الغيب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأمر الذي نفاه عن نفسه عليه السلام كم في قوله: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [الأنعام:٥٠] .
٥ كذا في "د". وفي "أ" والمطبوع: فلنكفف عن قلم.
٦ اليراع: له معان، منها: القصب، وواحدة براعة. ومنها: الجبان الذي لا عقل له ولا رأي. ومنها الضعاف من الغنم وغيرها. وله معان أخرى.
والأصل في اليراع القصب، ثم سمي به الجبان الضعيف. والقصب هو المقصود هنا حيث إن منه كان يتخذ القلم. لسان العرب، ٨/٤١٣، مادة: "يرع".

<<  <  ج: ص:  >  >>