للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتصموا بشيء مما ثبت عن الرسول، حرفوا الكلم عن مواضعه، وتمسكوا بمتشابهه، وتركوا محكمه، كما فعله النصارى. وهذا ما علمته ينقل عن أحد من العلماء، لكنه موجود في كلام بعد الناس، مثل الشيخ يحيى الصرصري١، ففي شعره قطعة منه، والشيخ محمد بن النعمان٢ وكتاب "المستغيثين بالنبي/ صلى الله عليه وسلم/٣ في اليقظة والمنام"٤. وهؤلاء لهم صلاح ودين، لكن ليسوا من أهل العلم، العالمين بمدارك الأحكام، الذي يؤخذ بقولهم في شرائع الإسلام، ومعرفة الحلال والحرام، وليس لهم دليل شرعي، ولا نقل عن عالم مرضي، بل عادة/ جروا/٥ عليها كما جرت عادة كثير من الناس، بأنه يستغيث بشيخه في الشدائد ويدعوه، وكان بعض الشيوخ الذين أعرفهم، ولهم صلاح وعلم وزهد، إذا نزل به أمر، خطا إلى جهة الشيخ عبد القادر خطوات معدودة، واستغاث به. وهذا يفعله كثير من الناس ٦ ٧. ولهذا


١ هو يحيى بن يوسف بن يحيى، أبو زكريا جمال الدين الصرصري، الأنصاري، شاعر، من أهل صرصر، على مقربة من بغداد، كان ضريرا. له ديوان شعر مخطوط، ومنظومات في الفقه وغيره. قتله التتار يوم دخلوا بغداد سنة "٦٥٦هـ". البداية والنهاية، ١٣/٢٢٤؛ النجوم الزاهرة ٧/٦٦؛ الأعلام للزركلي، ٨/١٧٧.
٢ تقدمت ترجمته في ص ٦٩٠.
٣ في "ا": عليه السلام.
٤ وهو كتاب لمحمد بن النعمان الملقب بالمفيد.
٥ في "د": جرى.
٦ هنا تعليق في المطبوع هو: "قد ذكروا في بعض الكتب وما زالوا يتناقلون أن من أصابته شدة، فليصل ركعتين، ثم ليتوجه إلى الشرق –أي إلى بغداد- وينادي الشيخ، وينشد هذين البيتين في الاستغاثة والاستجارة به:
أيدركني ضيم وأنت ذخيرتي ... وأظلم في الدنيا وأنت مجيري
وعار على راعي الحمى وهو في الحمى ... إذا ضاع في الهيجا عقال بعير
ويقول سيدي عبد القادر، اقض حاجتي، ويذكرها. قالوا: فإنها تقضى وأن ذلك مجرب". انتهى كلامه. وهذا بلا ريب شرك أكبر، الذي لا يغفر الله صاحبه إلا بالتوبة النصوح، إذ إنه طلب عون وغوث من مخلوق ضعيف، وهي من الأمور التي استأثر الله بها سبحانه وتعالى.
٧ من قوله: "وأما أولئك الضلال ... " إلى هنا، منقول من الرد على البكري، ص ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>