للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة ١. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب. فأيما طائفة ممتنعة امتنعت عن الصلاة، أو الصيام أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا أو الميسر أو نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، أو غير ذلك من التزام واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها، الذي يكفر/ الجاحد لوجوبها/٢، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، وإن كانت مقرة بها.

وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء. وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن، كركعتي الفجر أو الأذان والإقامة –عند من لا يقول بوجوبهما-٣ ونحو ذلك من الشعائر. فهل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا؟

فأما الواجبات أو المحرمات المذكورة ونحوها، فلا خلاف في القتال عليها.

وهؤلاء عند المحققين من العلماء، ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام.

والخارجين عن طاعته؛ كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين، أو خارجون عليه لإزالة ولايته. وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام، بمنزلة مانعي الزكاة، أو بمنزلة الخوارج الذين قاتلهم علي رضي


١ هنا يشير شيخ الإسلام إلى لدليل على وجوب قتال هؤلاء وهو قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال:٣٩] .
٢ كذا في مجموع الفتاوى، ٢٩/٥٠٣. وفي جميع النسخ: "الواجد بجحودها".
٣ وهم الجمهور؛ الحنفية والمالكية والشافعية. فيقولون إنهما "أي الأذان والإقامة" سنة مؤكدة للرجال جماعة، للصلوات الخمس والجمعة، دون غيرها.
وعند الحنابلة: أنهما فرضا كفاية للصلوات الخمس والجمعة، دون غيرها. انظر: فتح القدير لابن الهمام، ١/٢٤٠، بدائع الصنائع، ١/٤٠٢.الشرح الصغير، ١/٢٤٦، الشرح الكبير ١/١٩١. المهذب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي "ت٤٧٦هـ"، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر، ١/٥٥، مغني المحتاج، ١/١٣٣، روضة الطالبين، ١/١٩٥- المغني مع الشرح الكبير ١/٤٣٨، كشاف القناع، ١/٢٦٧، المبدع في شرح المقنع لابن مفلح، ١/٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>