للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتحلي، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ١.

ولم تزل على ما وصفنا، تطير مع من طار، وتغير علينا بالتخطئة، والمراء مع من أغار، ومثلك كان يظن به الخير، ويأسى عليه الصاحب، وأنت وإن لم تكن كل الفقيه والطالب، فقد حنكتك التجارب، وقعدتك الحوادث والمذاهب، لولا ما عارضها من صحبة جلساء السوء، الذي يدعونك إلى أهوائهم وأغراضهم الفاسدة، لا سيما أخصهم لديك وأحبهم إليك، فإنه – كما قيل: "المس مس أرنب، والطبع طبع ثعلب" ٢. وقد اتهم في السعي فيما يقوي عضد المشركين، ويوهن عزم الموحدين، وإلى الله المصير، وهو الحكم بيننا وبين من أعان على هدم الإسلام من صغير وكبير، ومأمور وأمير.


١ هذا قول الحسن بن صالح بن حي، أخرجه الخطيب البغدادي "ت٤٦٣هـ"، في كتابة اقتضاء العلم العمل بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ضمن مجموعة أربع رسائل، دار الأرقم، الكويت، ط/٢، ١٤٠٥هـ-١٩٨٥م، ص ١٧٧.
وهذه قاعدة مهمة في مسألة الإيمان، تبين دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وأنه لا يكتفي فيه بمجرد نطق اللسان، وإنما يجب أن يصحبه تصديق القلب وعمل الجوارح. وذلك هو عقيدة السلف في مسمى الإيمان. كتاب الإيمان، لأبي عبيد القاسم بن سلام، "ت٢٢٤هـ" تحقيق محمد ناصر الألباني، دار القلم، الكويت، ط/٢، ١٤٠٥هـ-١٩٨٥م، ص٥٣.وكتاب الإيمان لابن تيمية، ص ١٥١.
٢ مثل عربي. ورد الجزء الأول منه "المس مس أرنب" في حديث أم زرع الذي أخرجه البخاري ومسلم، عن عائشة قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا، قالت الأولى: زوجي لحم جمل، غث على رأس جبل، لا سهل فيرتقى ... وقالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب ... الحديث صحيح البخاري مع الفتح، ٩/١٦٣-١٦٤، النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل. صحيح مسلم بشرح النووي ١٥/٢٢١-٢٣١، فضائل الصحابة، باب ذكر حديث أم زرع.
ومعنى قوله: المس مس أرنب" أنها وصفت زوجها بلين الجانب، وكرم الخلق، تشبيها بليونة المس ونعومة الوبر التي تتصف بهما الأرانب. شرح النووي على صحيح مسلم ١٥/٢٢٥؛ فتح الباري، ٩/١٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>