للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا، فأهل الإحساء قد اشتهر حالهم، وأنهم ألقوا لسلم إلى عساكر الدولة ١ واختاروا ولايتهم، وصرحوا بطاعتهم، ونصروهم بالقول، وعاملوهم معاملة الأخ مع أخيه، بل جاءت خطوط التجار المترفين أولي النعمة بتزكيتهم والثناء عليهم، وانتصب ولدك لخدمتهم، وقضاء حوائجهم، ولم يظهر لي منك قيام بحق الله عند هذه الدواهي العظام، التي تمانع الإيمان والقرآن والإسلام، وتنتثر منه عقد النظام، والله أعلم بسرك، وهو الرقيب عليك، لكني أحكي ما ظهر لي منك ذاك الوقت، وقد ظهر أثر ما ذكرنا، وعقوبة ما أليه أشرنا، بإقبالك واشتغالك بحبالة الشيطان "رسالة ابن عجلان"، فطرت بها طيران من لا يلوي على أهل ولا صاحب، كأنها العهد الرباني، والوصية النبوية، واشتغلت بقراءتها وسماعها مع جماعة من العوام والصبيان. وتلك الرسالة دهليز ٢ يفضي إلى استباحة موالاة المشركين، والاستنصار بهم على المسلمين، والحكم على عصر شيخ الإسلام ابن تيمية – من أهل مصر والشام - بالشرك والمكفرات.

وفيها ٣ أ، جلب عباد الأصنام إلى بلد الإسلام، والاستعانة بهم على من خرج عن الطاعة، ليس بذنب. ولولا أن حجاب الجهل والهوى من أكثف الحجب وأغلظها، لتبين شناعة ما فيها للناظرين من أول وهلة، وبمجرد الفطرة. "شعر":

أَكُل امرئ تحسبين أمرّأ ... ونار تُوقد في الليل نارا ٤

ثم هنا مسألة أخرى، وداهية كبرى، دهى بها الشيطان كثيرا من الناس، فصاروا


١ يريد بالدولة العثمانية، فهي التي أرسلت عساكرها إلى الإحساء عام ١٢٨٨هـ، بقيادة نافد باشا، عند ما استنجد بها عبد الله بن فيصل بن تركي، بعد هزيمته من أخيه سعود. وقد تقدم بيان ذلك في القسم الدراسي ص٥٠-٥١.
٢ الدهليز: المدخل بين الباب والدار، ابن منظور، لسان العرب، مادة: "دهلز" ٥/٣٤٩؛ وانظر: المعجم الوسيط، مادة "دهلز".
٣ أي في رسالة ابن عجلان.
٤ البيت لأبي داؤد الإيادي. انظر: ديوانه، ص ٥٣. وهو من شواهد النحو في باب الإضافة حيث حذف "كل" وأبقى المضاف إليه مجرورا، والتقدير: وكل نار توقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>