للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أول هذه الفتنة، وما صدر إليكم من المكاتبات والنصائح؛ وفيها الحزم بإمامة عبد الله ولزوم بيتعه، والتصريح بأن راية أخيه، راية جاهلية عمية، وأوصيناكم بما ظهر لنا من حكم الله ورسوله، ووجوب السمع والطاعة. فلما صدر من عبد الله ما صدر من جلب الدولة إلى البلاد الإسلامية، والجزيرة العربية، وإعطائهم الإحساء والقطيف والخط، تبرأنا مما يرى الله منه ورسوله، واشتد النكير عليه شفاها ومراسلة، لمن يقبل مني، ويأخذ عني؛ وذكرت لكم أن بعض الناس جعله ترسا، تدفع به النصوص والأحاديث والآثار، وما جاء من وجوب جهادهم، والبراءة منهم، وتحريم موادّتهم، ومؤاخاتهم؛ من النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة الصريحة النبوية.

والقول بأنهم جاءوا لنصرة إمام أو دين، قول يدل على ضعف دين قائله وعدم بصيرته، وضعف عقله، وانقياده لداعي الهوى، وعدم معرفته بالدول والناس، وذلك لا يروج إلا على سواسية الأعراب، ومن نكب عن طريق الحق والصواب، وأعجب من هذا نسبه جوازه إلى أهل العلم، والجزم بإباحة ذلك، والصواب، والصورة المختلف فيها - مع ضعف القول بجوازها، وإباحتها، والدفع في صدرها؛ كما هو مبسوط في حديث: "إنا لا نستعن بمشرك" ١ - هي صورة غير هذه، ومسألة أخرى، وهذه الصورة حقيقتها تولية وتخلية وخيانة ظاهرة، كما يعرفه من له أدنى ذوق ونهمة في العلم.

لكن بعد أن قدم عبد الله من الإحساء، ادعى التوبة والندم، وأكثر من التأسف والتوجع فيما صدر منه، وبايعه البعض؛ وكتب إلى ابن عتيق أن الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما قبلها، فالواجب السعي فيما يصلح الإسلام والمسلمين، ويأبى الله إلا ما أراد {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ٢ والمقصود كشف حقيقة الحال، في أول الأمر وآخره.

وقد تغلب سعود على جميع البلاد النجدية، وبايعه الجمهور، ووسموه باسم


١ تقدم تخريجه في ص ٢٧٩.
٢ سورة يوسف الآية "٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>