للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو على نعمه. وبلغنا/ خبر الفتنة/١ التي حصلت عندكم، من عران، ومن تبعه، ممن استزلهم الشيطان. وبلغنا أنك لم تشهد هذا المشهد، ولم تحضر ما جرى في ذلك المعهد، وسرنا؛ هذا، لأنا نحب لكم ما جرى عليه أسلافكم من الانحياز إلى المسلمين، ولزوم الجماعة، وترك المفارقة، ونبذ الطاعة. فالله سبحانه يبتلي العبد على حسب إيمانه ٢؛ ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين٣.

فعليكم بالجد والاجتهاد فيما يحفظ الله به عليكم الإيمان والتوحيد، وينجيكم من الركون إلى أهل الكفر والإشراك والتبديد. قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} ٤، وقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ٥، وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا


١ كذا في المطبوع، وفي بقية النسخ: خبرها الفتنة.
٢ وفي ذلك ورد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة، ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد، حتى يتركه على الأرض، ما عليه خطيئة".
سنن الترمذي، ٤/٥٢٠؛ الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح" سنن ابن ماجه، ٢/٣٨٦؛ الفتن، باب الصبر على البلاء.
٣ هنا اقتباس من قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: ٣] .
٤ سورة هود، الآية "١١٣".
٥ سورة المجادلة، الآية "٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>