للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفعل لهم ما يفعله أهل الجاهلية من المشركين، فهذا لا تنفعه الشهادتان بل هو كاذب في شهادته، كما قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} ١.

ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله هو: عبادة الله، وترك عبادة ما سواه، فمن استكبر عن عبادته ولم يعبده، فليس ممن يشهد أن لا إله إلا الله، ومن عبده وعبد معه غيره، فليس هو ممن يشهد أن لا إله إلا الله.

وأما قول السائل في سؤاله: "ويعتقد أن أهل القسم ٢ كلهم كفار معطلون، كاليهود والنصارى، ومن لم يكفرهم فهو كافر، وإذا لقيه أحد من المسلمين وسلم عليه قال: عليكم". إلى آخر ما قال.

فاعلم أن أهل "القسم" يخفى حالهم علينا، ولا ندري ما هم عليه من الدين، وفيهما تقدم من التفصيل كفاية، فالمكفر لهم لا يخرج عن الأقسام المتقدمة.

والصحاف قد خلط هنا، وأطال الهذيان، وزعم أن من كفرهم بكفر ولا يصلى خلفه، وقد عرفت أن المسألة فيها تفصيل كما قدمناه، وبه يعرف حكم الصلاة خلفه، وأنها لا تصح خلف من أشرك بالله، أو جحد أسماءه وصفاته لكفره، وأهم شروط الصلاة والإمامة هو الإسلام معرفة والعمل به.

ومن كفر المشركين ومقتهم، وأخلص دينه لله، فلم يعبد سواه فهو أفضل الأئمة وأحقهم بالإمامة؛ لأن التكفير بالشرك والتعطيل هو أهم ما يجب من الكفر بالطاغوت.

وأما من كفَّر من ليس من أهل الكفر لكنه متأول يسوغ تأويله، فهو أيضا من الأئمة المرضيين، إذا تمت له شروط الإمامة، وخطؤه مغفور له بنص الحديث.


١ سورة المنافقون: الآية "١".
٢ القسم: بفتح فسكون: مصدر قسمت الشيء أقسمه قسما: اسم موضع عن الأديبي. انظر: معجم البلدان، ٤/٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>