للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسرقة لم يكن الزنا والسرقة معصية ولو لم تكن معصية لم يعاقب على فعله وهذا دليل معتمد.

فإن قالوا: إنما وجب ذلك عليهم التزامهم أحكام الإسلام.

قلنا هذا ليس بشىء لأن لزوم الأحكام بالتزام العبيد ذلك.

ألا ترى أن الخطاب متوجه على جميع الكفرة بالإيمان بالله عز وجل وأن كانوا لم يلتزموا شيئا من ذلك.

ثم نقول من أحكامنا أن لا يحد الإنسان على المباح فلو كان الزنا غير محظور عليه كان مباحا والحد لا يجب بارتكاب المباح.

قالوا: أن الكافر مع كفره قد كلف ترك الزنا لأنه مع كفره لا يمكنه فعلها فلم يخاطب بفعلها.

قلنا لا يجوز أن يكلف ترك الزنا إلا وقد كلف العلم بقبحه ولا سبيل إلى العلم بقبحه إلا بشريعة الإسلام لأن ما عداه من الشرائع فقد منع المكلفون من الرجوع إليها ولا يمكن مع جحد الإسلام أن يعلم قبح شىء كما لا يمكنه فعل الصلاة فى هذه الحالة فلا فرق بينهما.

ولكن كان وجه التكليف بالعلم بقبح الزنا بأن يسلم قبحه ليتركه فحقق عليه تحريم الزنا بهذا الوجه وكذلك فى الصلاة مثله يتحقق عليه إلزام الصلاة بالوجه الذى حقق عليه تحريم الزنا غير أن ترك إقامة الحد عليهم كان بدليل شرعى قام عليه ونحن لا ننكر سقوط إقامة الحد مع تحقق التحريم بدليل شرعى يقوم عليه وذلك الدليل هو العهد المعقود معهم بترك التعرض لهم فى شرب الخمور وأكل الخنازير إذا لم يظهروا ذلك فيما بيننا وإقامة الحد من التعرض فيكون ذلك إحقار للعهد فلهذا لم نقمه عليهم وقد أجبنا بغير هذا فى المسائل الفقهية.

أما الجواب عن كلماتهم.

أما الأول قلنا لا نسلم أن هذا تكليف بما لا وصول إليه بل الوصول من الكفار إلى فعل هذه العبادات ممكن وذلك بأن يسلم ثم يباشر العبادات ونظير ذلك الجنب مكلف فعل الصلاة بأن يزيل الجنابة ثم يصلي.

وقولهم أنه إذا أسلم سقط عنه الصلاة فلا وصول إليها لا قبل الإسلام ولا بعد الإسلام.

قلنا الوصول ممكن بأن يسلم في الوقت أو يسلم قبل الوقت فإذا دخل الوقت صلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>