للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: ذكر بعض أصحاب أبي حنيفة أنه يجوز تعليل الحكم بالعلة التي لم يثبت الحكم فيها في الاصل]

...

"فصل"

قد ذكر بعض أصحاب أبى حنيفة أنه يجوز تعليل الحكم بالعلة التي لم بثت الحكم فيها في الأصل قالوا كما يجوز أن يثبت الحكم في الأصل بالنص ويستخرج معنى من الأصل ويعدى إلى الفرع وهذا مثل من يقول في أن الشهادة على السرقة لا تقبل عند تقادم العهد بأنه حد من حدود الله تعالى كحد الزنا وليست العلة في الأصل هذا لكن العلة في الأصل توهم الطعن في شهادتهم لأنهم لما لم يشهدوا فقد اختاروا الستر فإذا شهدوا بعد ذلك فالظاهر أنه حملهم على ذلك طعن وهذا لا يوجد في البينة على السرقة لأنه لا بد من الدعوى ولكن قاسوا السرقة على الزنا في المعنى الذي يثبت به الحكم في الأصل.

وأما عندنا فالتعليل بمثل هذا باطل لأن إقامة الدليل على صحة العلة لابد منه على ما سبق من قبل ولا يمكن إقامة الدليل على صحة هذه العلة لأن التأثير لا يوجد بحال فإنه إذا لم يمكن الحكم به ثبت في الأصل بتلك العلة فكيف يوجد تأثيرها ولا يجوز أن يستدل على صحتها بفساد ما عداها لأن العلة الأخرى صحيحة لم يفسد ما عداها ولا يمكن أن يستدل على صحتها عليها بأن الحكم يوجد بوجودها في الأصل وينتفى بانتفائها لأنا نعلم أنها لو وجدت في الأصل بدون العلة الأخرى لم يثبت لها الحكم وإذا لم يثبت لها الحكم لم ينتف بانتفائها فدل أنه لا دليل على صحة العلة وإذا لم يدل الدليل على صحتها فبطل بهذا الوجه والله المعين بمنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>