فيصير هو المفهوم عند إطلاقه لكثرة استعمالهم الاسم فيه وهو الفرس وقد دل هذا الذى ذكرناه على وجود النقل كما دل على حسنه وقد قال أهل اللغة أن التروية اسم للجمل وقد صار بالعرف المزادة والغائط للمكان المطمئن وقد صار بالعرف اسما للحاجة وأما إشارة انتقال الاسم فهو أن يسبق الأفهام عند سماعه معنى غير ما وضع له فى الاسم فإن كان السامع الاسم يتردد فى فهم المعنى العرفى واللغوى معا كان الاسم مشتركا فيهما على سبيل الحقيقة.
واعلم أنه كما جاز وجود الحقائق اللغوية والعرفية والشرعية كذلك يجوز وجود المجاز اللغوى والعرفى والشرعى فإن قال قائل ثم تعرفون الحقيقة عن المجاز والمجاز عن الحقيقة قلنا الأصل أن الكلام يحمل على الحقيقة بالإطلاق وعلى المجاز بالدليل ويعرف الفصل بين الحقيقة والمجاز بوجوه منها أن يرد نص أو يقوم دليل أن اللفظ مجاز.
ومنها أن يعلم استعمال العرب اللفظ فى شىء وعدم استعمالها فى غيره فإذا أطلق اللفظ حمل على ما استعملوه ويكون حقيقة.
ومنها أن تكون اللفظة تطرد فى موضع ولا تطرد فى غيره فيعلم أنها قد اطردت فيه حقيقة وفيما لم تطرد فيه مجاز١.
وبيان الإطراد وعدم الإطراد أن قولنا أطول يفيد ما اختص بالطول وإذا علمنا أن أهل اللغة سموا الجسم طويلا عند اختصاصه بالطول ولولا ذلك ما سموه طويلا علمنا أنهم سموه بذلك لطوله فسمينا كل جسم فيه طول طويلا.
وأما فى المجاز فلا يثبت الإطراد بحال وهذا نحو تسميتهم الرجل الطويل نخلة فإنه يجوز أن يسمى كل رجل طويل بذلك ولكن لا يجوز أن يسمى غير الرجل بذلك.
ومنها غلبة الظن وهو أن يرد لفظ يغلب على ظن السامع أنه حقيقة أو ترد لفظة يغلب على الظن أنه مجاز وهذا لأن الفصل بينهما نوع حكم والأحكام تثبت بغالب الظن ومنها أن يستعمل الشىء فى الشىء لمقابلته فيعلم أنه مجاز استعمل لأجل المقابلة وهذا مثل قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] فهذه وجوه.
١ انظر نهاية السول ٢/١٧٢ المحصول ١/١٤٨, ١٤٦ إحكام الأحكام ١/٤١ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٢/٧١.