للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: التخصيص]

...

فصل نقول فى ابتداء هذه المسألة أن التخصيص تمييز بعض الحكمة بالحكم.

ولهذا يقال خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أو كذا وخص فلان بكذا وأما تخصيص العموم فهو بيان ما لم يرد باللفظ العام ويجوز دخول التخصيص فى جميع ألفاظ العموم من الأمر والنهى والخبر.

ومن الناس من قال لا يجوز فى الخبر كما لا يجوز فيه دخول النسخ وهذا خطأ لأنا بينا أن التخصيص بيان ما لم يرد باللفظ العام وهذا يصح فى الخبر كما يصح فى الأمر١.


١ اعلم أن في هذه المسألة قولان:
أولا: وهو قول جمهور العلماء فهم متفقون على أن التخصيص جائز وواقع في الخبر وفي غيره من الأوامر والنواهي.
ثانيا: رأى شذوذ من العلماء أن التخصيص غير جائز في الخبر.
وقد استدل الجمهور على الجواز بالوقوع فقد وقع التخصيص في الخبر كما وقع في الأمر والنهي والوقوع أوضح دليل على الجواز.
أما وقوع التخصيص في الخبر فكقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وقوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقوله تعالى في حق الريح: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} فإن العقل يقضي بأن هذه الأخبار ليس مرادا منها العموم ضرورة أن الله لم يخلق ذاته ولا صفاته كما أن القدرة لم تتعلق بهما لأن القدرة لا تتعلق بالواجب العقلي - وقد أتت الريح على الأرض والجبال فلم تجعلها كالرميم وإذا كانت هذه الأخبار غير مرادة على العموم يكون التخصيص قد دخلها فيكون التخصيص واقعا في الخبر وأما وقوعه في الأمر فكقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} فإنه ليس كل سارق يقطع بل يقطع من سرق النصاب بشروط معلومة في الفروع - وليس كل زان يجلد بل الذي يجلد هو الزاني غير المحصن.
وأما وقوعه في النهي فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر وأجاز ذلك في العرايا فكان....=

<<  <  ج: ص:  >  >>