فنقول: أعلم أن الأصل يستعمله الفقهاء في أمرين: في أصول الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع فيقولون: هى الأصل وما سوى ذلك من القياس ودليل الخطاب وفحوى الخطاب معقول الأصل ويستعملون اسم الأصل في الشئ الذي يقاس عليه كالخمر أصل النبيذ والبر أصل الأرز.
وحد الأصل: ما عرف حكمه بنفسه أو ما عرف به حكم غيره ومن مثبتى القياس من جوز أن يكون القياس بغير أصل وهذا قول من خلط الاجتهاد بالقياس.
والصحيح: أنه لابد له من أصل لأن الفرع لا يتفرع إلا عن أصول لوقوع الفرق بين الأصول والفروع.
والأصل: ضربان معلول وغير معلول.
فأما غير المعلول فما لم يعقل معناه كأعداد الركعات واختصاص الصيام بشهر رمضان وغير ذلك وقد سبق بيان هذه القصة وأما المعلول فهو ما عقل معناه وهو ضربان متعد وغير متعد.
فأما غير المتعد فهو ما عدم معناه في غيره فوقف حكمه على نصه كتعلل الذهب والفضة أنهما أسمان فهذا لا يوجد معناها في غيرهما فوقف الحكم عليها وعند أبى حنيفة وأصحابه لا يكون غير المتعدية علة بحال وقد سبق الكلام في هذا الفصل.
وقد قال أبو زيد: في تقويم الأدلة في العبادة عن الخلاف في هذه المسألة قال علماؤنا حكم العلة تعدية النص المعلل إلى فرع لا نص فيه وقال أصحاب الشافعى حكم العلة تعلق حكم النص بالوصف الذى يتبين علة.
قال: فعلى هذا العلة إذا لم تكن متعدية كانت فاسدة. قال: فإما الذين قالوا إن حكم العلة هو تعلق الحكمية فقد شبهوا هذه العلل بالعلة العقلية فإنها لا تعرف عللا إلا بتعلق أحكامها بها فكذلك العلل الشرعية إذا كانت منقولة عن الشارع قال والجواب عن هذا وهو الطريق في المسألة أن النص لا يجوز تعليله بعلة تغير حكم النص بنفسه وإذا كان كذلك وجب أن يبقى الحكم بعد التعليل على ما كان قبل التعليل وهو أن يكون وجوبه مضافا إلى النص دون العلة فإنك متى قصدت الإضافة إلى العلة كنت قد غيرت حكم النص عما كان قبل التعليل ولأن العلة لما لم تشرع حجة إلا بعد النص