اعلم أن مذهب الإنسان هو اعتقاده فمتى ظننا أن اعتقاد الإنسان أو عرفناه ضرورة أو بدليل مجمل أو مفصل قلنا: إنه مذهبه ومتى لم نظن ذلك ولم نعلمه لم نقل إنه مذهبه ويدل الإنسان على مذهبه في المسألة بوجوه.
منها: أن يحكم في المسألة بعينها بحكم معين.
ومنها: أن تأتى بلفظ عام يشمل تلك المسألة وغيرها فيقول الشافعى رحمه الله الكل جائزا وغير جائز.
ومنها: أن يعلم أنه لا يفرق بين المسألتين وينص على حكم أحدهما فيعلم أن حكم الآخر عند ذلك الحكم مثل أن يقول الشفعة لجار الدار فنعلم أن جار الدكان مثل جار الدار.
ومنها: أن يعلل الحكم بعلة توجد في عدة مسائل فنعلم أن مذهبه شمول ذلك الحكم فتلك المسائل سواء قال بتخصيص العلة أو لم يقل أما إذا لم يقل بتخصيص العلة فلا يشكل ذلك وأما من قال بتخصيص العلة فإنما يقول بتخصيص العلة إذا دل على تخصيصها دلالة كالعموم وكما أن الكلام العام يدل على مذهبه فكذلك تعليله وأما إذا نص العالم في مسألة على حكم وكانت المسألة تشبه مسألة أخرى شبها يجوز أن يذهب على بعض المجتهدين فإنه لا يجوز أن يقال: قوله في هذه المسألة هو قوله في المسألة الأخرى لأنه قد لا تخطر المسألأة بباله ولم ينبه على حكمها لفظا ولا معنى ولا يمتنع لو خطر بباله لصار فيها إلى الاجتهاد الآخر وهذا قد سبق بيانه من قبل.
مسألة
ومما يتصل بباب الاجتهاد مسألة اختلفوا فيها وهى أنه هل يجوز أن يقال للرسول أو للعالم احكم فإنك لا تحكم إلا بالصواب فقد منع من ذلك كثير من الناس وأجازه آخرون على العموم وذهب إليه يونس بن عمران وقال بعضهم: يجوز للنبى صلى الله عليه وسلم على الخصوص ولا يجوز لغيره وهذا هو المختار وقد ذكر الشافعى في كتاب الرسالة ما