فإن بلغ علماء العصر مبلغا لا يتوقع فيهم التواطؤ على الكذب وهم الذين اعتبروا في عدد التواتر فلا شك في انعقاد الإجماع باتفاقهم واما إذا لم يبلغوا هذا العدد فذهب بعض علماء الأصوليين إلى أن لا يجوز الخطأ عدد علماء العصر عن مبلغ التواتر لأنهم ورثة الملة وحفظة الشريعة وقد ضمن الله تعالى قيامها ودوامها إلى قيام الساعة فإذا عاد العلماء إلى عدد لا ينعقد منهم التواطؤ فربما يفقد منهم الاستقلال بحفظ الشريعة فلا يكون إليه حفظ الملة على الكمال.
وقد قال بعضهم يجوز أن ينحطوا عن عدد التواتر وإذا انحطوا وأجمعوا يكون إجماعهم حجة١ وقال الأستاذ أبو إسحاق لم يبق في الدهر إلا مفتى واحد واتفق ذلك لقوله حجة ويصير ذلك بمنزلة إجماع الأمة.
أما الأول فبعيد لأنه يستحيل أن ينقص عدد العلماء في عصر من الأعصار عن عدد التواتر خصوصا وقد ورد الخبر في ذهاب العلم في آخر الزمان.
وأما الثاني فالإشكال فيه أن العلم الضروري هل يحصل بخبر الواحد أم بخبر جماعة ينقص عددهم عن عدد التواتر وقال بعضهم أن الله تعالى يحدث في هذا العدد من الأمارات الدالة على صدقهم ما يوجد ذلك عنده وجود عدد التواتر والأولى أن يقال أنه يعلم صدقهم ضرورة لا بخبرهم لكن بخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من
١ انظر المحصول ٢/٩٣ إحكام الأحكام للآمدي ١/٣٥٨ روضة الناظر ١١٩ المستصفى ١/١٨٨ تيسير التحرير ٣/٣٣٦.