للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التقليد]

[مدخل]

...

[التقليد]

التقليد: قبول قول المرء في الدين بغير دليل وحده بعضهم بأنه العمل على قولين من غير علم١ بصحته ولا نظر في الطريق إلى معرفته والأول حد الفقهاء ويقال إن التقليد مأخوذ من تصيير الشئ قلادة في عنق من ينسب إليه٢ أو أخذ عنه ومن التقليد ما يجوز ومنه ما لا يجوز فأما اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه فواجب ولا نقول إنه تقليد بل هو اتباع محض وقد قال الله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨] ولأن الدلائل قد قامت في أن قوله حجة فلا يكون قبول قوله قبول قول في الدين من قائله بلا حجة وقد قال الشافعى رحمه الله في بعض المواضع: فلا يجوز تقليد أحد سوى الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا مذكور على طريق التوسع لا على طريق الحقيقة.

وقال بعضهم: إن رجوع العامى إلى قول العالم ليس بتقليد أيضا٣ لأنه لا بد له من نوع اجتهاد فلا يكون تقليدا حتى لو اعترض إنسانا من غير أن يجتهد في طلب الأعلم فسأله لم يجز على الأصح بل لا بد أن يتوخى الأفضل والأشهر عند الناس في درجة العلم والأوثق عند نفسه منهم فيصير الاجتهاد في اختيار أعيان العلماء كاجتهاد العالم في اختيار أعيان الأقاويل وعلى أنا إن سمينا ذلك من العامى تقليدا فلا بأس ولعله الأولى لأنه لا يعرف حجة ما يصير إليه ويقبله فيوجد فيه حد التقليد وهو قبول القول من قائله بغير حجة.

وأما تقليد الأمة إذا قالت قولا عن إطباق وإجماع فهو حجة لا يجوز مخالفتها لقيام الدليل أنها لا تجتمع إلا على حق وإذا أفتى العالم واحدا من العامة في الحادثة تنزل به جاز تقليده والأخذ به٤ لأن العامة لو كلفوا الاجتهاد والاستدلال لكان فرض طلب


١ عرفه الآمدي بأنه: العمل بقول الغير من غير حجة ملزمة انظر إحكام الأحكام "٤/٢٩٧".
وعرفه ابن السبكي: أخذ القول من غير معرفة دليله انظر جمع الجوامع ومعه حاشية الجلال "٢/٣٩٢" وعرفه الغزالي بأنه: قبول قول بلا حجة المستصفى "٢/٣٨٧".
٢ انظر إحكام الأحكام "٤/٢٩٧".
٣ عزاه إمام الحرمين والآمدي إلى القاضي. انظر البرهان "٢/١٣٥٨" إحكام الأحكام "٤/٢٩٧".
٤ ذكره الأسنوي في مسألة أن من لم يبلغ رتبة الاجتهاد هل يجوز له الاستفتاء ثلاثة مذاهب: =

<<  <  ج: ص:  >  >>