للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: الكلام في المفتي والمستفتي وما يتصل في ذلك]

...

"فصل"١: وإذا فرغنا من الكلام في الاجتهاد والمجتهد فنذكر: الكلام في المفتى والمستفتى وما يتصل في ذلك

فنقول: المفتي من العلماء من استكملت فيه ثلاث شرائط

أحدها: أن يكون من أهل الاجتهاد٢ وقد قدمنا شروط المجتهد وصفته

والشرط الثانى: ان يستكمل أوصاف العدالة في الدين حتى يثق بنفسه في التزام حقوقه ويوثق به في القيام بشروط٣.

والشرط الثالث: أن يكون ضابطا نفسه من التسهيل كافا لها عن الترخيص حتى يقوم بحق الله تعالى في إظهار دينه ويقوم بحق مستفتيه.

وللمتسهل حالتان:

إحديهما: أن يتسهل في طلب الأدلة وطرق الأحكام ويأخذ بمبادىء النظر وأوائل الفكر فهذا مقصر في حق الاجتهاد فلا يحل له أن يفتي ولا يجوز أن يستفتى وأن جاز أن يكون ما أجاب به حقا لأنه غير مستوف لشروط الاجتهاد لجواز أن يكون الصواب مع استيفاء النظر في غير ما اختلف فيه.

والحالة الثانية: أن يتسهل في طلب الرخص وتأويل الشبه ومعنى النظر ليتوصل إليها وتعليق بأضعفها وهذا متجوز في دينه متعد في حق الله تعالى أو غار لمستفتيه عادل عما أمر الله سبحانه به في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧] وهو في هذه الحالة أعظم مأثما منه في الأولى لأنه في الحالة الأولى مقصر. وفى الثانية متعد وإن كان في الحالتين آثما متجوزا. لكن الثانى أعظم وكما لا يجوز أن يطلب الرخص والشبه كذلك لا يجوز أن يطلب التغليظ والتشديد وليعدل في الجواب إلى ما يوجبه صحه النظر من الحكم الذى تقتضيه الأدلة الصحيحة فإن دلت على التغليظ أصاب وإن دلت على الترخيص أصاب وإن كان للتغليظ وجه في الاجتهاد أمسك عن ذكره فهذه الشروط التي يجب أن يكون عليها


١ بياض في الأصل.
٢ انظر نهاية السول "٤/٥٧٩" إحكام الأحكام "٤/٢٩٨".
٣ انظر البرهان "٢/١٣٣٣" إحكام الأحكام "٤/٢٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>