للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة١: وأما الكلام في مسائل الأصول:

فقد ذهب جميع المتكلمين وطائفة من الفقهاء أنه لا يجوز للعامى التقليد فيها ولا بد أن يعرف ما يعرفه بالدليل وقالوا: العقائد الأصولية عقلية والناس جميعا مشتركون في العقل ولأن العلم بها واجب والعلم لا يحصل للمقلد بتقليد غيره ولأن الدلائل على الأصول ظاهرة وليست غامضة فتكليف العامى ليعرف الأصول بدلائلها لا يؤدى إلى الحرج الشديد فيسقط عنهم لذلك.

واعلم أن أكثر الفقهاء على خلاف هذا وقالوا: لا يجوز أن نكلف العوام اعتقاد الأصول بدلائلها٢؛ لأن في ذلك المشقة العظيمة والبلوى الشديدة وهى في الغموض والخفاء أشد من الدلائل الفقهية في الفروع ولهذا خفى على كثير من العقلاء مع شدة عنايتهم في ذلك واهتمامهم العظيم فصارت دلائل الأصول مثل دلائل الفروع ولأنا نحكم بإيمان العامة ونقطع أنهم لا يعرفون الدلائل ولا طرقها وإنما شأنهم التقليد والاتباع المحض وإنما طريقهم أخذ شيئين في التقليد أحدهما أنهم عرفوا أن العلماء قد قالوا ما قالوا عن حجة ودليل فيكون اتباعهم لأقوال العلماء اعتقادا عن دليل بهذا الوجه.

وأما لأن العوام يعلمون أن العلماء يقولون ما يقولون عن النبى صلى الله عليه وسلم وقد عرفوا إقامة النبى صلى الله عليه وسلم من المعجزات ما يعجز عنه البشر وتحقق في قلوبهم ثبوته بهذا الطريق وأنه يقول ما يقوله عن الله عز وجل فحصلت عقائدهم عن علم ودليل قام لهم فيها بهذا الوجه.

وأما إيجاب معرفة الأصول على ما يقوله المتكلمون بعيد جدا عن اصواب ومتى أوجبنا ذلك متى يوجد في العوام يعرف ذلك وتصدر عقيدته عنه بل يكون أكثر العوام


١ بياض في الأصل ولعل الصواب ما أثبتناه.
٢ انظر نهاية السول "٤/٥٩٦" انظر إحكام الأحكام "٤/٣٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>